ومنها نزلة عمارة فى نهاية بلاد الهلة من الشمال الغربى فى آخر بساط الجبل مما يلى المزارع، وكان فى جنوبها جسر قديم من حاجر الجبل إلى تل الزوكى آثاره باقية إلى الآن، ولها سوق صغير كل يوم ثلاثاء وتجاهما فى جنوب ذلك الجسر قرية صغيرة تسمى عكا، ويتبعها أيضا نحو خمسة كفور.
وفى البلد أرباب حرف من بنائين ونجارين ونحو ذلك وفيها ثلاثة مساجد، وفى غربيها كنيسة للأقباط، وفيها عائلة يقال لهم أولاد أبى نصير من أكبر بيوت الهلة، لهم منازل ومضايف متسعة، وقصر مشيد فيه شبابيك الحديد والخرط الزجاج والفرش النفيسة، ولهم مسجد متين له منبر من الخشب، ودكة للمبلغين كذلك.
ويقال إن سبب شهرتهم إنه لما كان ابن العزيز سر عسكر إبراهيم باشا والد الخديوى إسماعيل باشا حاكما على الصعيد، قتل من عسكره قتيل، فاتهم فيه الحاج إسماعيل أبو نصير، فطلبه سر عسكر وأهدر دمه، فهرب واختفى مدة، ولما ضاقت عليه الأرض بما رحبت وعرف أنه لا مفر له سافر لمقابلة سرعسكر؛ لعله يعفو عنه وأخذ كفنه على رأسه وتحرى مظان رضاه، فدخل عليه فى حال الغداء، وهو يأكل على حين غفلة من المماليك الواقفين على باب مجلسه، وتمثل بين يديه فرفع بصره إليه وقال له: من أنت؟ فقال:
إسماعيل أبو نصير، جئت أطلب الأمان والعفو فعفى عنه. ويقال إنه أجلسه للأكل معه، ثم طلبه ليتوجه معه إلى حرب الدرعية، فما كان أسرع إجابته، وهناك فى المعركة رأى منه سر عسكر شهامة وفروسية. ويقال إن جواد سر عسكر كبا به فهجم عليه العدو، فكان أبو نصير أشد العسكر ممانعة عنه، وقاوم العدوّ حتى أصابه سيف فقطع إبهام يده، ولم تكل همته حتى ركب سر عسكر جواده، فازداد حبه له من حينئذ، وعاد غانما ظافرا قد حظى بالقبول والشهرة وأعطاه سر عسكر مائة فرس من جياد الخيل على وجه الشركة، وجعل له من نتاجها الإناث، واختص سر عسكر بالذكور، ورتب لها كل سنة عليقا