الدجاج) كالسيد أحمد بدوى الذى سافرت فى صحبته، وبعضهم من (الشعيرية)، وبعضهم من (جديد كريو)، وبعضهم من (جديد السيل)، فأخذنا طريق سرف الدجاج، فسافرنا سفرا هينا نحو ثلاثة أيام، ونزلنا فى رابعها قرب الظهر، فى ظل جبل بقرب بئر، فقلنا هناك حتى أنهر النهار، ثم سرنا وقت المغرب، فدخلنا سرف الدجاج بعد العشاء.
فألقت عصاها واستقر بها النوى … كما قر عينا بالإياب المسافر
فأقمت هناك مدة هنيئة، توالت علىّ فيها الولائم؛ حتى جاء عمى، وتوجهت صحبته إلى والدى، وكان بمحل يقال له (أبو الجدول)، بينه وبين سرف الدجاج ستة أيام، فخرجنا من سرف الدجاج، ومررنا بكبكابة، وهى بلد أشبه ببلاد ريف مصر إلا أنها أعمر منها، وأخصب؛ لأنها آهلة بالساكن، مغتصة بالقاطن، وأهلها تجار أغنياء، وعندهم من الرقيق ما لا يحصى كثرة، ولهم نخيل وأرض واسعة، فيها آبار قريبة الماء، يزرعون بها أنواع الخضر والبقول، من بامية، وملوخية، وقرع، وباذنجان، وفقوس، وقثاء، وبصل، وحلبة، وكمون، وفلفل، وحبب رشاد، وكله كما نعهد إلا الفلفل، فإنه حب رفيع، أغلظ من الشعر بقليل، وعندهم بعض شجر الليمون الحامض، وبقربهم جبل يقال له (مرة) وهو جبل يشق إقليم الفور من أوله إلى آخره، مع الاستقامة، وله عدة طرق تصعد الناس منها إليه، ولكل قطعة منها اسم خاص بها، غير الاسم العام، والفور يسكنون فى أعلاه، ولا يألفون الوهاد، ثم توجهنا من كبكابة، بعد أن أخذنا من سوقها ما احتجنا إليه، فسرنا ثلاثة أيام عرض جبل مرة، وصرنا نبيت ببلاد أقوام مستوحشين، يكرهون الضيوف، ثم خرجنا إلى السهل، فبتنا فى محل يقال له (ترتيه)، فأكرمونا هناك.
وفى ضحى اليوم السادس دخلنا البلدة التى فيها والدى المسماة:(بحلة جولتو) وهى من جملة حلل أبى الجدول، وبعد أن أقمت عند والدى ثلاثة أيام، جهزنى أنا وعمى إلى الأعتاب السلطانية بهدايا من عنده، إلى حضرة