ومن كرسكو ينعطف النيل إلى الشمال الغربى، ويرسم قوسا كبيرا إلى ناحية الدر، ثم يأخذ اتجاهه الأول وهو الجنوب الغربى، وفى كل هذه المسافة من كرسكو إلى الدر وهى ثمانية عشر ألف متر لا تساعد الرياح الشمالية الخالصة ولا الشمالية الغربية سير السفن؛ وإنما تسحب باللبان، وهناك تتسع منطقة أرض الزراعة سيما فى الجانب الأيمن للنهر، وتكثر السواقى وتتقارب القرى، ويكثر النخيل، وشجر السنط، وبعد مسيرة اثنى عشر ألف متر من كرسكو تكون قرية (عمادة) أو (حصابة) على الجانب الأيسر، وبها معبد هجم عليه الرمل، فغطى نحو نصفه، تدل كتابته المصرية القديمة على أنه من زمن أزورتيران الثالث قبل المسيح بسبعة وعشرين قرنا، ويقرأ فيها اسم أمينوهتيب الثانى وتطموزيس الرابع، وفى زمن النصرانية جعل كنيسة، وبعد قرية عمادة بنحو ستة آلاف متر تكون قرية (الدر) أو (الدير) على الجانب الأيمن، وهى أكبر قرى تلك الجهة بعد حدود مصر، ولها شبه بالمدن، وبها معبد نقر فى الحجر من زمن رمسيس الثانى، كان للمقدس أمون را، وفى كتابة هيرجليفية تسمية القرية (بيرا) يعنى مدينة الشمس، ومن هذه القرية تأخذ جوانب النيل فى البهجة والنضرة لكثرة النخيل والأشجار فى الجانبين/.
وبعد مسيرة نحو ساعة وربع من هذه القرية توجد مغارة فى الجبل فى مقابلة جزيرة كيلتيه تسميها الأهالى (الدوكنصرة) على جدرانها كتابة قديمة، ثم بعدها على الجانب الثانى، قبر نقر فى الحجر فى صورة هرم عليه كتابة يقرأ فيها اسم رمسيس الخامس من العائلة العشرين قبل المسيح باثنين وعشرين قرنا، واسم صاحب القبر بويرى، يعنى الابن الملوكى لكوش، وصورته مرسومة كأنه يهدى الهدايا إلى رمسيس المذكور، وبعد خمس ساعات، أو أحد وعشرين ألف متر من الدر، تكون قرية إبريم على الجانب الشرقى، وتسمى فى الكتابة الرومية (أبريمس برو) لتمييزها على أبريميس البعيدة عنها فى الجنوب بقرب (أسطبورا) ولما استولى السلطان سليم على مصر، جعل فيها