فأمر له على الفور بخمسين دينارا، وخلع عليه وزيد فى جاريه، ثم يقوم الخليفة عن السرير راكبا، والوزير بين يديه حتى يطلع على المنظرة المعروفة بالسكرة وقد فرشت بالفرش المعدة لها، فيجلس فيها، ويتهيأ أيضا للوزير مكان يجلس فيه، ويحيط بالسد حامى البساتين ومشارفها؛ لأنه من حقوق خدمتهما، فتفتح إحدى طاقات المنظرة ويطل الخليفة على الخليج، وطاقة تقاربها يتطلع منها أستاذ من الخواص، ويشير بالفتح فيفتح بأيدى عمال البساتين بالمعاول ويخدم بالطبل والبوق من البرين، فإذا اعتدل الماء فى الخليج دخلت العشاريات اللطاف ويقال لها «السماويات» ثم العشاريات الخاصة الكبار التى وصفها المقريزى، فتسند إلى البر الذى فيه المنظرة الجالس فيها الخليفة، فإذا استقر جلوس الخليفة والوزير بالمنظرة، ودخل قاضى القضاة وشهود الخيمة الديبقية البيضاء، وصلت المائدة من القصر فى الجانب الغربى من الخليج على رؤوس الفراشين صحبة صاحب المائدة، وعدّتها مائة شدة فى الطيافير الواسعة، وعليها القوّارات الحرير، وفوقها الطراحات، ولها رواء عظيم، ومسك فائح، فتوضع فى خيمة واسعة منصوبة لذلك، ويحمل للوزير ما هو مستقر له بعادة جارية، ومن صوانى التماثيل المذكورة ثلاث صوان، ويخصص منها أيضا لأولاده وإخوته خارجا عن ذلك إكراما وافتقادا، ويحمل إلى قاضى القضاة والشهود شدّة من الطعام من غير تماثيل توقير للشرع. ويحمل إلى كل أمير فى/خيمته شدة طعام وصينية تماثيل، ويصل من ذلك إلى الناس شئ كثير. ولا يزالون كذلك إلى أن يؤذن بالظهر، فيصلون ويقيمون إلى العصر، فإذا أذن به صلّى وركب الموكب كله لانتظار ركوب الخليفة، فيركب ويسير فى البر الغربى من الخليج شاقا البساتين هناك حتى يدخل من باب القنطرة إلى القصر، والوزير تابعه على الرسم المعتاد، وكانت العادة عندهم إذا حصل وفاء النيل أن يكتب إلى العمال.