ووصف المقريزى فى الخطط ما كان يعمل فى بيت المال لذلك وكيفية الموكب الذى يركب به الخليفة إلى خيمته بالسد، فينزل ويجلس على المرتبة المنصوبة على سرير الملك، ويحيط به الأستاذون المحنكون، والأمراء المطوّقون بعدهم ويوضع للوزير الكرسى الجارى به عادته، فيجلس عليه ورجلاه تحك الأرض، ويقف أرباب الرتب صافين من ناحية سرير الملك إلى ناحية الخيمة، والقراء يقرؤن القرآن ساعة زمانية، فإذا ختموا قراءتهم، استأذن صاحب الباب على حضور الشعراء فيؤمر بتقديمهم واحدا بعد واحد، ولهم منازل على مقدار أقدارهم، فالواحد يتقدم الواحد بخطوة فى الإنشاد، وهو أمر معروف عند مستخدم يقال له:"النائب".
ومما أنشد من القصائد فى مثل هذا اليوم أمام الخليفة؛ ما أنشأه كافى الدولة أبو العباس أحمد ارتجالا، وشهد له به جماعة منهم القاضى الأثير بن سنان وهو:
بحر الكامل
لمن اجتماع الخلق فى ذا المشهد … للنيل أم لك يا ابن بنت محمد؟
أم لاجتماعكما معا فى موطن … وافيتما فيه لأصدق موعد
ليس اجتماع الخلق إلا للذى … حاز الفضيلة منكما فى المولد
شكروا لكلّ منكما لوفائه … بالسّعى، لكن ميلهم للأجود
ولمن إذا اعتمد الوفاء ففعله … بالقصد ليس له كمن لم يقصد
هذا يفى ويعود ينقص تارة … وتسدّ أنت النقص إن لم يزدد
وقواه إن بلغ النهاية قصرت … وإذا بلغت إلى النهاية تبتدى
فالآن قد ضاقت مسالك سعيه … بالسّد فهو به بحال مقيد
فإذا أردت صلاحه فافتح له … ليرى جنابا مخصبا وثرّى ندى
وأمر بفصد العرق منه فما شكا … جسم، فصحّ الجسم إن لم يفصد
واسلم إلى أمثال يومك هكذا … فى عيش مغبوط وعزّ مخلد