والخطاب الثالث: يأمر فيه المحافظ شيخ المنادين بأنه يدور بالمنادين وأولادهم فى شوارع القاهرة وحاراتها، ويخبر عن يوم الوفاء، فيخرج فى اليوم المذكور، ويجمع الصغار فرقا فرقا، وبأيديهم الجريد والبوص وعليها الرايات من البفتة الملونة بالأخضر والأصفر والأحمر والأبيض، ويطوفون بالأزقة وينادون. فبعضهم يقول:«البحر زاد وغرّق البلاد» والبعض يرد عليه بقوله:
«أوفى الله».
وفى ذلك اليوم تجتمع طوائف المعمار فى منزله، ومع كل فرقة طبول أومزيكات، ويخرج الجميع والمعمار أمامهم قبيل العصر، ويدورون بأزقة البلد وحاراتها متعاقبين فرقة بعد فرقة، وكل فرقة تفصل بينها وبين التى بعدها آلات الطرب، ويكون يوما مشهودا، يجتمع فيه جميع أهل القاهرة للفرجة فى الحوانيت والبيوت الكائنة/على الشوارع المعتاد المرور فيها. وفى آخر اليوم يتوجه المعمار بمن معه إلى فم الخليج، فتنزل الطوائف جميعها، ويتقدم الموظف بتطهير الخليج وتنظيفه وعمل السّد، ويسلمه إلى المعمار، فعند هذا ينادى المنادى هكذا:
«الفاتحة لساعى البحر، وشيخ العرب السيد البدوى، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، برز أمر كريم من الخديوى الأعظم عن الجسر الشريف المعتاد جبره سنويا، تسليم سر معمار إلى شيخ معلمى البنائين إلى شيخ مقدمى الفعلة إلى شيخ الترابة سالم مسلم، والفاتحة لشيخ العرب السيد البدوى».
فيستلمه الفعلة والمقدمون، ويبيتون هناك يشتغلون فيه قليلا قليلا حتى إذا كان الصبح، وصدر الأمر قطع عند رؤية الإشارة التى تصدر من المأمور.
وفى اليوم المذكور تتوجه العقبة والسفن الأخر وخلفهم ذهبيات الخلق إلى فم الخليج، فيكون منظرا بهجا خصوصا والنيل قد ارتفع، وتبدلت بسبب ارتفاعه حرارة الجوّ بالرطوبة، وتكون آلات السماع فى جانبى النيل طول الليل، وتعمل حرائق بالبر، ووقدات وزينة عند السّد، ويكون هناك خيم