توارد الناس عليه من كل فج، فكانت المراكب تحمل إليه التجار والتجارة من البحر الرومى والبحر الأحمر وسكة الحديد والترعة الحلوة من داخل القطر وخارجه.
ثم لمّا آل الأمر بعد انتقال المرحوم سعيد باشا إلى الخديو إسماعيل باشا سنة ١٨٦٢، كان قد تم كثير من الأعمال، وكانت أعمال شركة البرزخ جارية بالانتظام، إلى أن أظهر الخديو المشار إليه للشركة عدم رضاه بإحضار العملة لأشغال الشركة، حسب شروط الشركة، فاضطرب سير العمل، وبدأ النزاع بين الحكومة والشركة، وهال الشركة وأزعجها توقف الحكومة فى تنفيذ بند الشروط المختص بالعملة والشغالة، وهو أساس العملية، فأخذ المسيو دولسبس يخابر الحكومة ويخوفها ويتهددها، ويبدى لها أنها إن استمرت على هذا التوقف تكون مسئولة عن نتائجه، وتلزم بما يترتب على ذلك من الخسائر، مرتكنا على ما هو مدون فى البند المذكور من أن الحكومة التزمت للشركة بتوريد العملة والشغالة، وكانت الحكومة محقة فى تقديم العملة من أهل البلاد لا سيما ولم يكن صدر الفرمان السلطانى الذى كان العمل متوقفا على صدوره، ويا حبذا لو تم للحكومة المصرية مرامها، لأنه كان يوفر على مصر مشاكل سياسية عديدة، إلا أنه لما اشتد النزاع بين الحكومة وبين رئيس الشركة، اتخذ الإمبراطور نابليون حكما لفصل النزاع القائم بينهما، فأوقعها هذا التحكيم فى بحور الدين وأهوال السياسة الدولية، وألجأها إلى أن تسير فى سياستها الداخلية والخارجية، وفى إدارة مصالحها الكلية والجزئية، على سنن يخالف سننها القديم، فلما اختارت الحكومة توسط نابليون/بونابارت وفوضت له الأمر فى حسم النزاع بينها وبين الشركة، بما تقتضيه الإنسانية والعدالة، وجعلت بيده الحكم، ورضى لنفسه أن يكون الحكم الفيصل.
عينت من طرفها ناظر خارجيتها فى ذلك الوقت نوبار باشا نائبا عنها، فقام وتوجه إلى باريس، وقدم أوراق توكيله إلى حضرة الإمبراطور، وتولى النيابة عن الشركة دولسبس رئيسها ومؤسسها، فأمر نابليون بتشكيل لجنة من أهل الدراية