دون ذلك العيار ازدادت الرعية رفقا، ومضت لك السنة الصالحة». فضرب معاوية هذه السود الناقصة من ستة دوانيق، فتكون خمسة عشر قيراطا تنقص حبة أو حبتين، وضرب أيضا دنانير عليها تمثال متقلد سيفا، فوقع منها دينار ردئ فى يد شيخ من الجند، فجاء به إلى معاوية ورماه به، وقال: يا معاوية إنا وجدنا ضربك شر ضرب. فقال له معاوية:«لأحرمنك عطاءك ولأكسونك القطيعة».
فلما قام ابن الزبير بمكة ضرب الدراهم مدورة، وضرب أخوه مصعب دراهم بالعراق، وجعل كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل وأعطاها الناس فى العطاء.
فلما قدم الحجاج من العراق من قبل عبد الملك، قال:«ما ينبغى أن نترك من سنة الفاسق - أو قال المنافق - شيئا»، فغيرها.
ثم لما استوثق الأمر بعبد الملك بعد مقتل عبد الله فحص عن النقود والأوزان والمكاييل، وضرب الدراهم والدنانير سنة ست وسبعين، فجعل وزن الدينار اثنين وعشرين قيراطا إلا حبة بالشامى، وجعل وزن الدرهم خمسة عشر قيراطا سواء، والقيراط أربع حبات وكل دانق قيراطين ونصف قيراط. وكتب إلي الحجاج وهو بالعراق أن اضربها قبلك، فقدمت المدينة وبها بقايا من الصحابة فلم ينكروا سوى نقشها فإن فيه صورة. وكان سعيد بن المسيب يبيع بها ويشترى ولا يعيب من أمرها شيئا، وجعل عبد الملك ما ضربه دنانير على هيئة المثقال الشامى.
وكان سبب ضرب عبد الملك الدنانير والدراهم، أن خالد بن يزيد بن معاوية قال له:«يا أمير المؤمنين إن العلماء من أهل الكتاب الأول يذكرون أنهم يجدون فى كتبهم أن أطول الخلفاء عمرا من قدس الله تعالى فى الدرهم»، فعزم على ذلك ووضع السكة الإسلامية.