وقد ذكرنا أن الذى كان به التعامل هو الدرهم البغلى - أى الفارسى - وكان ثمانية دوانق، وأنه هو الدرهم الأتيكى، وحررنا أن وزنه ٤،٢٥ غرام وهو وزن جميع الدراهم الفارسية الموجودة الآن فى الخزائن، وأن الطبرى أربعة دوانق، أعنى نصف هذا الدرهم، وكان هو وحدة النقود فى الجاهلية. وأما الدرهم الجوارقى الذى قال المقريزى إنه أربعة دوانق ونصف فهو نصف المثقال ويساوى نصف اللبتون أيضا ومقداره ٢،٣٦٠ غرام، وهذا المقدار هو وزن النقود الموجودة من زمن (هيرقليوس) وغيره إلى الآن.
والدرهم الجوارقى المذكور هو ما ذكره ابن خلدون عند الكلام على سكة عبد الملك حيث قال: إن فى زمن الفرس كانت توجد دراهم بأوزان مختلفة، فكان منها ما يزن كالمثقال ٢٠ قيراطا، ومنها ما يزن اثنى عشر قيراطا أو عشرة قراريط.
ومن هنا ظهرت صحة ما ورد فى بعض الكتب من أن وزن المثقال ٢٠ قيراطا بالنسبة للدينار أو الدرهم الأتيكى المجعول ١٨ قيراطا، يعنى ثمن الأوقية التى قدرها ١٤٤ قيراطا، وكذا درهم عشرة قراريط المساوى لنصف المثقال وهو الأجزاجيوم المصرى القديم الرومانى وهو الدرهم الجوارقى.
ويتضح حينئذ صحة ما ذكره المقريزى لأن الدرهم الطبرى هو نصف الدرهم الرومى الذى هو درهم خلفاء الاسكندر، وكان يتعامل به فى بلاد العرب، والدرهم الجوارقى هو نصف اللبتون، وكان التعامل به فى زمن (هيرقليوس) وفى زمن الرسول ﷺ.
ويمكن مما سبق معرفة الأصل الذى أخذ منه عمر ﵁ درهمه الذى هو ستة أعشار المثقال، وذلك أنه صح بالنقول والنقود القديمة الموجودة وجود رطل متركب من ستين دينييه، التى نصفها الصنجة المعروفة بالساليك، وذلك الرطل - كما قدمنا - كان يفترق قليلا من الرطل الرومانى القديم، وكان مستعملا فى مصر وفلسطين وبلاد العرب وآسيا الوسطى، وجعله الرومان من ٩٦ درهما من دراهم المعاملة البطليموسية.