للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحسبة، فوقع الظن أنه أنكر شيئا اقتضى ذلك] (١) فأحضر الخباز وأنكر عليه ما فعله وأمر بصرفه من العرافة ودفع إلى الصعلوك ثلاثين ربعيا من الذهب، فكاد عقله يختلط من الفرح، ثم عاد إلى حانوته فإذا عجينته قد خبزت فنادى عليها خمسة أرطال بدرهم، فمال الناس إليه، وخاف من سواه من الخبازين بوار أخبازهم فباعوا كبيعة، فنادى ستة أرطال بدرهم، فأدتهم الضرورة إلي اتباعه.

فلما رأى اتباعهم له قصد نكاية العريف الأول وغيظه بما يرخص سعر الخبز فأقبل يزيد رطلا رطلا، والخبازون يتبعونه فى بيعه خوفا من البوار، حتى بلغ النداء عشرة أرطال بدرهم، فانتشر ذلك فى البلد جميعه، وتسامع الناس، وتسارعوا إليه فلم يخرج قاضي القضاة [من الجامه] (٢) إلا/والخبز فى جميع البلد عشرة أرطال بدرهم، وكان يبتاع للسلطان فى كل سنة غلة بمائة ألف دينار وتجعل متجرا، فلما رجع [البارزوى] (٣) إلى القاهرة - وداره بها - مثل لحضرة السلطان وعرفه بما منّ الله به فى يومه من رخص السعر وتوفّر الناس على الدعاء، وأن الله - جلّت قدرته - فعل ذلك وحلّ أسعارهم بحسن نيّته فى عبيده ورعيته، وأن ذلك بغير موجب ولا فاعل له بل بلطفه تعالى واتفاق غريب، وأن المتجر الذى يقام بالغلة فيه مضرة على المسلمين وربما انحط السعر عن مشتراها ولا يمكن بيعها فتتغير بالمخازن وتتلف، وأنه يقيم متجرا لا كلفة فيه على الناس، ويفيد فائدة أضعاف الغلة، ولا يخشى عليه من تغيّر ولا انحطاط سعر وهو الخشب والصابون والحديد والرصاص والعسل وشبه ذلك، فأمضى السلطان له ما رآه، واستمر ذلك ودام الرخاء مدة سنين حتي خلت المخازن.


(١) ما بين الحاصرتين من إغاثة الأمة ص ١٩.
(٢) ما بين الحاصرتين من إغاثة الأمة ص ١٩.
(٣) ما بين الحاصرتين من إغاثة الأمة ص ٢٠.