للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففرضه على أرباب الغلال بالنسيئة، وخيرهم فى أن يبيعوا بالسعر الذى يقرره لما فيه من الفائدة المحتملة لهم، وبين أن يمتنعوا فيختم على غلاتهم ولا يمكنهم من بيع شئ منها إلى حين دخول الغلة الجديدة، فاستجابوا لقوله وأطاعوا أمره، وانحلّ السعر وارتفع الضرر ولله عاقبة الأمور.

وفى سنة أربع وأربعين وأربعمائة وقع غلاء فى خلافة المستعين بالله ووزارة الناصر لدين الله أبي محمد الحسن بن على بن عبد الرحمن البارزى (١) وسببه قصور النيل أيضا، وليس بالمخازن السلطانية شئ من الغلال فاشتدت المسغبة.

وكان سبب خلو المخازن أن الوزير لما أضيف إليه القضاء في وزارة أبي البركات، كان ينزل إلى الجامع بمصر يوم السبت والثلاثاء من كل جمعة، فيجلس في الزيادة منه للحكم علي رسم من تقدمه، فإذا صلى العصر رجع إلى القاهرة.

و [كان] (٢) فى كل سوق من أسواق مصر على أرباب كل صنعة من الصنائع عريف يتولى أمورهم. والأخبار بمصر فى غير أزمنة المساغب متى بردت لم يرجع منها شئ لكثرة ما يغشى به، وكان لعريف الخبازين دكان يبيع الخبز فيها، ويحاذيها دكان أخرى لصعلوك يبيع الخبز أيضا، وسعره يومئذ:

أربعة أرطال بدرهم وثمن، فرأى الصعلوك أن خبزه كاد يبرد، فأشفق من كساده فنادي عليه أربعة أرطال بدرهم؛ ليرغب الناس فيه، فانكب الناس عليه حتي بيع كله لتسامحه وبقى خبز العريف كاسدا، فحنق [العريف] (٣) لذلك ووكل به عونين من الحسبة أغرماه عشرة دراهم. فلما جاء قاضي القضاة أبو محمد البارزي استغاث به، فأحضر المحتسب وأنكر عليه ما فعل بالرجل، فذكر أن العادة جارية باستخدام عرفاء الأسواق على أرباب البضائع، وأن يقبل قولهم فيما يذكرونه، [فحضر عريف الخبازين بسوق كذا، واستدعى عونين من


(١) هكذا فى الأصل وفي إغاثة الأمة (البازورى) ص ١٨.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من إغاثة الأمة ص ١٨.
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من إغانة الأمة ص ١٩.