للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضرب جماعة بالسياط وشهرهم، فسكن الناس بوجود الخبز، ثم كثر ازدحامهم عليه وتعذر وجوده فى العشايا فأمر أن لا يباع القمح إلا للطحانين، وشدّد فى ذلك وكبست عدة حواصل وفرّق ما فيها من القمح على الطحانين بالسعر.

واشتد الأمر فبلغ الدقيق كل حملة بدينار ونصف، والخبز ستة أرطال بدرهم، وتوقف النيل عن الزيادة فاستسقى الناس مرتين، وارتفع السعر فبلغت الحملة الدقيق ستة دنانير، وكسر الخليج والماء على خمسة عشر ذراعا.

واشتد الأمر وبلغ القمح كل تليس بأربعة دنانير، والأرز كل ويبة بدينار، ولحم البقر رطل ونصف بدرهم، والجبن ثمانى أواق بدرهم، وزيت الأكل ثمانى أواق بدرهم، وزيت الوقود رطل بدرهم.

وفى سنة ثمان وتسعين وثلثمائة وقفت زيادة النيل، وكسر الخليج فى خامس عشر توت، والباقى (١) خمسة عشر دراعا، فنقص فى تاسع عشر توت فعظم الأمر، وصر (٢) الناس الجوع، فاجتمعوا بين القصرين واستغاثوا للحاكم فى أن ينظر إليهم وأن لا يهمل أمرهم، فركب حماره وخرج من باب البحر وقال: «أنا ماض إلى جامع راشدة وأقسم بالله لئن عدت فوجدت فى الطريق موضعا يطؤه حمارى مكشوفا من الغلة لأضر بن رقبة كلّ من يقال لى إن عنده شيئا منها ولأحرقن داره وأنهبن ماله»، ثم توجه وتأخر إلى آخر النهار، فما بقى أحد من أهل مصر والقاهرة عنده غلة حتى حملها من بيته أو منزله وشوّنها فى الطرقات؛ وبلغت أجرة الحمار فى [حمل] (٣) النقلة الواحدة دينارا فامتلأت عيون الناس وشبعت نفوسهم، وأمر بما يحتاج إليه [الحاكم] (٤) كل يوم،


(١) هكذا فى الأصل وفى إغاثة الأمة (والماء فى) ص ١٧.
(٢) هكذا فى الأصل وفى إغاثة الأمة (وكظّ) ص ١٧.
(٣) من بين الحاصرتين من إغاثة الأمة ص ١٧.
(٤) ما بين الحاصرتين من إغاثة الأمة ص ١٨.