وكان بهذا الدرب أيضا دار مسرور، صاحب الخان المعروف بخان مسرور الذى بجوار خان الخليلى المشهور اليوم بوكالة رخا. ودار مسرور هذه عملت مدرسة بعد موته بوصية منه، وكان بناؤها من ثمن ضيعة بالشام كانت بيده وبيعت بعد موته، وكان ممن اختص بالسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب فقدّمه على حلقته، ولم يزل مقدما إلى الأيام الكاملية، فانقطع إلى الله تعالى، ولزم داره إلى أن توفى ودفن بالقرافة بجانب مسجده. وكان له بر وإحسان.
وهذه المدرسة قد صارت الآن زاوية صغيرة متخربة برأس درب شمس الدولة بالسكة الجديدة قبالة عطفة الشيخ الجوهرى تعرف بزاوية الغريب.
وفى سنة اثنتين وستين ومائتين وألف أمر العزيز محمد على باشا بفتح شارع السكة الجديدة فلما فتح انقسمت هذه الحارة قسمين، وصار الشارع مساوكا بينهما، وإلى الآن باب هذه الحارة باق على أصله بشارع البندقانيين بقرب وكالة أبى زيد، فالداخل منه يجد عن يساره مدرسة مسرور المذكورة قد ارتفعت أرض الحارة عليها وصار ينزل إليها بدرج، وهى متخربة، وقد ذكرناها فى المدارس من هذا الكتاب.
ثم يسلك إلى شارع السكة الجديدة فيجد باقى الحارة أمامه، ينزل إليه منحدا لعلوّ أرض الشارع فيجد فى مقابلته دارا كبيرة مملوكة للشيخ الجوهرى، أحد علماء الأزهر المدرسين والصوفية الواصلين، تولى مشيخة الشاذلية بمصر وأقطارها، واشتهر شهرة كبيرة، واستمرت شهرته إلى أن مات رحمه الله تعالى.
وبجانب هذه الدار الجامع المعروف بجامع الجوهرى، جدده الشيخ الجوهرى المذكور، وكان أصله زاوية قديمة مدفونا بها أبوه وأجداده، وهم من العلماء المؤلفين؛ منهم الشيخ أحمد بن شهاب الدين الذى ترجمه الجبرتى فى وفيات سنة سبع وثمانين ومائة وألف فقال:
الإمام الصالح العلامة الشيخ أحمد بن شهاب الدين أحمد بن الحسن الجوهرى الخالدى الشافعى مات فى حادى عشر ربيع الأول من السنة المذكورة، ودفن على والده بزاوية القادرية بدرب شمس الدولة. (انتهى).