للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزوّج ولده السيد محمدا وعمل له مهما عظيما افتخر فيه إلى الغاية، ودعا الأمراء والأكابر والأعيان، وأرسل إليه إبراهيم بيك ومراد بيك الهدايا العظيمة المحملة على الجمال الكثيرة، وكذلك باقى الأمراء، ومعها الأجراس التى لها رنة تسمع من البعد، وتقدمها جمل عليه طبل نقارية، وذلك خلاف هدايا التجار والناس والنصارى والأروام والأقباط الكتبة وتجار الفرنج والأتراك والشوام والمغاربة وغيرهم، وخلع الخلع الكثيرة، وأعطى البقاشيش والإنعامات والكساوى.

وحج فى سنة اثنتى عشرة ومائتين وألف، وخرج فى تجمل زائد وجمال كثيرة وتختر وانات ومواهى ومسطحات وفراشين وخدم وهجن وبغال وخيول. وكان يوم خروجه يوما مشهودا اجتمع فيه الكثير من العامة رجالا ونساء، وجلسوا بالطريق للفرجة عليه، ومن خرج معه لتشبيعه ووداعه من الأعيان والتجار الراكبين والراجلين، وبأيديهم البنادق والأسلحة

وعند رجوع الركب وصل الفرنساوية إلى بر مصر، ووصلهم الخبر بذلك، وأرسل إبراهيم بيك إلى صالح بيك أمير الحاج يطلبه مع الحجاج إلى بلبيس، وذهب بصحبتهم المترجم وحرى عليه ما جرى من نهب العرب لأمتعته وحموله، وكان شيئا كثيرا، حتى ما عليه من الثياب. وانحصر فى طريق القرين، فلم يجد عن ذلك بدا من مواجهة الفرنساوية، فذهب إلى سارى عسكر بونابرته وقابله، فرحب به وأكرمه، ولامه على فراره وركوبه للماليك، فاعتذر إليه بجهل الحال، فقبل عذره واجتهد له فى تحصيل منهوباته، وأرسل فى طلب المتعدين، واستخلص ما أمكن استخلاصه له ولغيره، وأرسلهم إلى مصر وأصحب معهم عدة من العساكر، لخفارتهم وهم مشاة، بالأسلحة بين أيديهم حتى أدخلوهم بيوتهم

ولما رجع سار عسكر إلى مصر تردد عليه وأحله محل القبول، وارتاح له فى لوازمه، وتصدى للأمور وقضايا التجار، وصار مرعىّ الخاطر عنده ويقبل شفاعته، ويفصل القوانين بين يديه وأيدى أكابرهم. ولما رتّبوا الديوان تعين المترجم من الرؤساء فيه، وكاتبوا التجار وأهل الحجاز وشريف مكة بواسطته.

واستمر على ذلك حتى سافر بونابرته، ووصل بعد ذلك عرضى العثمانية والأمراء المصرية، فخرج فيمن خرج لملاقاتهم.

وحصل بعد ذلك ما حصل من نقض الصلح والحروب، واجتهد المترجم فى أيام الحرب وساعد وتصدى بكل همته، وصرف أموالا جمة فى المهمات.