والمؤن، إلى أن كان ما كان من ظهور الفرنساوية وخروج المحاربين من مصر، فلم يسعه إلا الخروج معهم والجلاء عن مصر، فنهب الفرنساوية داره وما يتعلق به.
ولما استقر يوسف باشا الوزير جهة الشام آنسه المترجم وعاضده، واجتهد فى حوائجه واقترض الأموال، وكاتب التجار وبذل الهمة، وساعده بما لا يدخل تحت طوق البشر.
وكان يراسل خواصه بمصر سرا فيطلعونه على الأخبار والأسرار إلى أن وصل العثمانيون إلى مصر، فصار المترجم هو المشار إليه فى الدولة، والتزم بالإقطاعات والبلاد، وحضر الوزير إلى داره وقدم إليه التقادم والهدايا، وباشر الأمور العظيمة والقضايا الجسيمة، وما يتعلق بالدول والدواوين والمهمات السلطانية، وازدحم الناس ببابه، وكثرت عليه الأتباع والأعوان والعساكر والقواسة والفراشون وغير ذلك، وحضر مشايخ البلاد والفلاحون الكثيرون بالهدايا والتقادم والأغنام والخيول، وضاقت داره بهم، فاتخذ دارا بجواره، وأنزل بها الوافدين، وجعل بها مضايف وحبوسا وغير ذلك.
ولما قصد يوسف باشا الوزير السفر من مصر وكله على تعلقاته وخصوصياته، وحضر محمد باشا خسرو فاختص به أيضا اختصاصا كليا، وسلمه المقاليد، وجعله أمين الضربخانة، فزادت صولته وطار صيته، واتسعت دائرته، وصار بمنزلة شيخ البلد، بل أعظم، ونفذت أوامره فى الإقليم المصرى والرومى والحجازى والشامى، وأدرك من العز والجاه والعظمة ما لم يتفق لأمثاله من أولاد البلد.
وكان ديوان بيته أعظم الدواوين بمصر، وتقرّب وجهاء الناس لخدمته والوصول لسدّته، ووهب وأعطى وراعى جانب كل من انتمى إليه، وكان يرسل الكساوى فى رمضان للأعيان والفقهاء والتجار وفيها الشالات الكشميرية، وعمل عدة أعراس وولائم، وزاره محمد باشا خسرو فى داره مرتين أو ثلاثة باستدعاء، وقدّم له التقادم والهدايا والتحف والرخوت المثمنة والخيول والتعابى من الأقمشة الهندية وغيرها.
ولما ثارت العسكر على محمد باشا وخرج فارا كان بصحبته فى ذلك الوقت، فركب أيضا يريد الفرار معه، واختلفت بينهما الطرق، فصادفه طائفة من العسكر فقبضوا عليه، وسلبوا ثيابه وثياب ولده ومن معه، وأخذوا منه جواهر كثيرة ونقودا ومتاعا، فلحقه عمر