للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجليلة، وتزايدت العمائر بها إلى سنة إحدى وتسعمائة، وصارت بلدة بانفرادها، وأنشأ بها الأتابكى أزبك الجامع الكبير بخطبة ومنارة عظيمة، وأتقنه حتى صار فى غاية الحسن والزخرفة ثم أنشأ حول الجامع البناء والربوع والحمامات والقياسر، وما يحتاج إليه من الطواحين والأفران وغير ذلك من المنافع، ثم سكن أزبك فى تلك القصور إلى أن مات، وقد خرب الآن أغلبها وبه ذكرت الأزبكية. وكان عند فتح سد البركة يجتمع عنده الأمراء المتقدمون، وتأتى إليها الناس للفرجة أفواجا أفواجا، وكان لها يوم مشهود، وكان فى كل سنة تضرب حول البركة خيام، ويقع من القصف والفرجة ما لا مزيد عليه. (انتهى).

(قلت): ولم تزل على هذه الحال إلى زمن الخديو إسماعيل، فجرى تنظيمها على ما هى عليه الآن، وأخذ من بحريها وقبليها جزءا عمل فى بعضه التيانرو، والباقى دخل فى الميادين التى عملت هناك، وكان تنظيمها مدة نظارتى على ديوان الأشغال مع تنظيم الإسماعيلية.

والمناخ المتقدم ذكره محله الآن اللوكاندة الخديوية، وكان إنشاؤها بمعرفة جميعة إنجليزية ثم اشتراها الخديو إسماعيل، ثم فى مسألة تسوية الديون أخذها الميرى وباعها لأحد التليانيين المعروف بالخواجة جوزيف اللوكانتجى.

وأما جامع أزبك فقد هدم هو والحارة المجاورة له التى كانت تعرف بحارة الميضة، وكذا الحمام وما بجواره من المبانى فى تنظيم شارع محمد على، ومحل الجامع الآن قريب من محل التمثال من الجهة الشرقية، ومحل الحمام والرباع وغيرها الشوارع والميادين التى تجاه سراى العتبة الخضراء، فسبحان من يرث الأرض ومن عليها، ولله عاقبة الأمور.

ثم نعود إلى تتميم وصف شارع محمد على فنقول: إن هذا الشارع من أعظم ما عمل بمدينة مصر القاهرة، إذ بوجوده حصل نفع كبير وفوائد جمة للعامة وغيرها، وذلك كتنقية الهواء من الروائح الكريهة التى كانت توجب توالى الأمراض والأسقام على سكان الحارات والعطف التى قطعها، وبعد أن كانت جميع الجهات التى مر بها قليلة القيمة، مشحونة بالقاذورات، أصبحت بمروره منها عالية القيمة، مرغوبة السكنى توازى أعظم مواقع القاهرة، وقد بنى فى ضفتيه البيوت المشيدة، كالعمارة الكبيرة المستجدة ذات الأماكن العلوية والسفلية من إنشاء الحاج محمد أبى جبل أحد التجار المشهورين، وسراى الأمير حسن باشا الشريعى، وسراى نعماتى باشا، وسراى الأمير رستم باشا وغير ذلك من البيوت الكبيرة والصغيرة والحوانيت العديدة المتسعة.