للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بقرب مصر العتيقة أيضا البركة المعروفة ببركة شطا، صار محلها الآن تلالا، وكان الماء يصل إليها من بركة الشعيبية من القنطرة التى بالجسر المذكور. المسمى فى خطط المقريزى بجسر الحيات.

والأحباس كانت أولا فى المبانى مثل الرباع ونحوها، ولم تكن فى الأراضى مثل ما هى اليوم. قال المقريزى: اعلم أن الأحباس فى القديم لم تكن تعرف إلا فى الرباع، وما يجرى مجراها من المبانى، وكلها كانت على جهات بر، وأما الأراضى فلم يكن سلف الأمة من الصحابة والتابعين يتعرضون لها، وإنما حدث ذلك بعد عصرهم، حتى أن أحمد بن طولون لما بنى الجامع والمارستان والسقاية، وحبس على ذلك الأحباس الكثيرة لم يكن فيها سوى الرباع ونحوها بمصر، ولم يتعرض إلى شئ من أراضى مصر ألبتة، وحبس أبو بكر محمد بن على الماردانى بركة الحبش وسيوط وغيرهما على الحرمين وعلى جهات بر وحبس غيره أيضا، فلما قدمت الدولة الفاطمية من الغرب إلى مصر بطل تحبيس البلاد، وصار قاضى القضاة يتولى أمر الأحباس من الرباع، وإليه أمر الجوامع والمشاهد.

وصار للأحباس ديوان مفرد، وأول ما قدم المعز أمر فى ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلثمائة بحمل مال الأحباس من المودع إلى بيت المال الذى لوجوه البر، والنصف من شعبان ضمن محمد بن القاضى أبى طاهر محمد بن أحمد بألف ألف وخمسمائة ألف درهم فى كل سنة يدفع إلى المستحقين حقوقهم، ويحمل ما بقى إلى بيت المال، وكان يطلق لكل مشهد خمسون درهما فى الشهر برسم الماء لزوارها، وفى سنة ثلاث وأربعمائة أمر الحاكم بأمر الله بإثبات المساجد التى لا غلة لها، ولا أحد يقوم بها، وما له منها غلة لا تقوم بما يحتاج إليه، فأثبت فى عمل ودفع إلى الحاكم، فكانت عدة المساجد على الشرح المذكور ثمانمائة وثلاثين مسجدا، ومبلغ ما تحتاج إليه من النفقة فى كل شهر تسعة آلاف ومائتان وعشرون درهما، على أن لكل مسجد فى كل شهر اثنى عشر درهما.

وفى سنة خمس وأربعمائة قرئ فى يوم الجمعة ثامن عشرى صفر سجل بتحبيس عدة ضياع وهى أطفيح وصول وطوخ، وست ضياع أخر، وعدة قياسر وغيرها على القراء والفقهاء والمؤذنين بالجوامع، وعلى المصانع والقوام بها، ونفقة المارستانات وأرزاق المستخدمين فيها، وثمن الأكفان.