للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولد--بعد الفيل بثلاث سنين، وتوفى لثمانى ليال بقين من جمادى الآخرة ليلة الثلاثاء، وهو ابن ثلاث وستين سنة، واختلف فى سبب موته، فقيل إنه اغتسل، وكان يوما باردا، فحمّ خمسة عشر يوما لا يخرج إلى الصلاة، وأمر عمر أن يصلى بالناس.

ولما مرض قال له الناس: ألا ندعو لك الطبيب؟ فقال: إنه قد أتانى، فقال لى: أنا فاعل ما أريد، فعلموا مراده، وسكتوا عنه، فمات--وكان آخر ما تكلم به:

توفنى مسلما وألحقنى بالصالحين.

كان--أبيض خفيف العارضين، أجنأ معروق الوجه، نحيفا أقنى العرنين، يخضب بالحناء والكتم.

وتزوّج--فى الجاهلية أم رومان، واسمها دعد بنت عامر، فولدت له عبد الرحمن وعائشة، وتزوج غيرها فى الجاهلية والإسلام، وولد له عبد الله وأسماء ومحمد وأم كلثوم ولدت بعد وفاته-، وهو أول من أسلم من الشيوخ، وكان -قبل الخلافة تاجرا مليئا، جوادا مشهورا.

وكان كما قال له ابن الدغنة: إنك يا أبا بكر لتصل الرحم، وتقرى الضيف، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الحق.

وكان له حين أسلم من المال أربعون ألفا، فأنفقها كلها، مع ما اكتسبه من التجارة، وكان شيئا كثيرا، فى الله، وعلى رسول الله-، فلما ولى الخلافة ترك التجارة، وقال: إن أمور الناس لا تصلح مع التجارة، ولا يصلح إلا التفرغ، والنظر فى شئونهم.

وقد أعتق كثيرا من الأرقاء، ذكورا وإناثا، سيما الذين كانوا يعذبون فى الله، ومنهم بلال بن رباح مؤذن رسول الله-، وعامر بن فهيرة وغيرهم.

وأما الأحاديث الواردة فى فضله بخصوصه، فهى كثيرة جدا:

منها ما أخرجه السيوطى فى جامعه الكبير، ورواه أبو نعيم عن أبى الدرداء--أن رسول الله--قال: ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبى بكر.