قال على بن أبى طالب-كرم الله وجهه-: نزلت هذه الآية فى أبى بكر-﵁ أسلم أبواه جميعا، وكان يصحب النبى-ﷺ-وهو ابن ثمانى عشرة سنة، والنبى-ﷺ-ابن عشرين فى تجارته إلى الشام، فلما بلغ أربعين، وتنبأ النبى-ﷺ-آمن به، ثم آمن أبواه، ثم ابنه عبد الرحمن، ثم ابن عبد الرحمن أبو عتيق، فدعا أبو بكر ربه بقوله: رب أوزعنى، أى ألهمنى أن أشكر نعمتك التى أنعمت على وعلى والدى، أى بالإسلام، وأن أعمل صالحا ترضاه.
قال ابن عباس: أجاب الله دعاءه، فأعتق كثيرا ولم يرد شيئا من الخير إلا أعانه الله عليه، ثم قال: وأصلح لى فى ذريتى، فلم يكن له ولد إلا آمن بالنبى-ﷺ وصحبه، ولم يحصل ذلك لأحد من الصحابة، ﵃ أجمعين.
وبالجملة، ففضائله-﵁-لا تحصى، ومناقبه ومزاياه الحسنة لا تستقصى.
وإذا أروينا الغلة برشفة من رحيق مآثره، وعطرنا كتابنا بنفحة من عبير مفاخره، فلنعد إلى ذكر نسبتى أهل هذا البيت الشريفتين الصديقية والحسنية، ثم نعقب ذلك بتراجم بعض مشاهيرهم، وشئ من مآثرهم، سواء منهم أفراد هذه السلسلة وفروعهم، نقلا عن التواريخ المشهورة، مع الإلماع إلى جميع الطرق التابعة الآن للخلافة البكرية، وزيها وعوائدها فى الموالد السنوية الجارية بمصر وغيرها، مع العوائد الخصوصية للبيت الصديقى، وكيفية إثبات الشرف لديهم، لما أن نقابة السادة الأشراف تابعة لهذا البيت، زيادة على تلك الخلافة فنقول: