ومن شاء المزيد فعليه بمولد الإمام ابن حجر الهيتمى، المتوفى بمكة المكرمة، والمدفون فيها سنة ٩٧٣.
وأكثر الناس عناية بذلك أهل مصر والشام، ولقد كان للملك الظاهر برقوق الموجود فى سنة ٧٨٥ هـ عناية زائدة بذلك، حتى حرز ما كان ينفقه عليه بنحو عشرة آلاف مثقال من الذهب، وزاد فى زمن السلطان الظاهر أبى سعيد جقمق على ذلك بكثير، وكان لملوك الأندلس والهند ما يفوق عن ذلك، ولأهل مكة فى تلك الليلة شعار عظيم مشهور، ولا يوجد مثله فى غيرها.
أما احتفال الملك المظفر بذلك المولد الشريف، فقد نقله جمع كثير، لكننا نقتصر هنا على تلخيص ما نقل عن بعض من شاهده فنقول:
ذكر الإمام سبط ابن الجوزى، المتوفى سنة ٦٥٤ هـ فى مرآة الزمان عمن شاهد سماط الملك المذكور فى بعض الموالد أنه عد فيه خمسة آلاف رأس غنم مشوية، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة فرس، ومائة ألف صحن حلوى، وكان يحضر لديه أعيان العلماء والصوفية، فيخلع عليهم، ويصلهم بالعطايا، وكان ينفق على المولد الشريف ثلثمائة ألف دينار.
وذكر ابن خلكان فى ترجمة الملك المذكور بعد أن سرد من جميل خصاله، وحبه للخيرات وشجاعته ما يبهر العقول أن احتفاله بالمولد النبوى الشريف يقصر وصف الواصفين، عن الإحاطة به، غير أنه لا بد من ذكر نبذة يسيرة منه، ثم أطال فى تلك النبذة اليسيرة، فكان ملخصها ما معناه:
إن العلماء والصوفية، وذوى الفضل، القاطنين بالبلاد القريبة من إربل، كبغداد، والموصل، والجزيرة، وسنجار، ونصيبين، وبلاد العجم، وتلك النواحى، لشهرة ذلك الملك لديهم بالبر والصلاح كانوا يتواردون عليه مع خلق كثير من أهالى تلك البلاد من المحرم إلى أوائل شهر ربيع الأول، فيرسم بعمل عشرين قبة أو أكثر من خشب، بكل قبة خمس طبقات، فإذا استهل صفر زينت تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة، وفى كل يوم يمر الملك بعد صلاة العصر على جميع تلك القباب، ويبيت فى خانقاه ثمة، ثم يعود إلى القلعة قبيل الظهر