لطيفة تجاور الباب الغربى الذى فى مقدمه بداخل الرواقات عرفت بمقصورة فاطمة، لأن فاطمة الزهراء رئيت بها.
وفى سنة خمس وستين وستمائة، جدده الأمير عز الدين أيدمر الحلى فى سلطنة الملك الظاهر بيبرس بسبب أنه كان مجاورا له فى السكنى، فراعى حرمة الجوار وانتزع له أشياء كانت مغصوبة، وأحاط أموره حتى جمع له شيئا صالحا مع ما تبرع به له من المال الجزيل، وأطلق له من السلطان جملة من المال، وشرع فى عمارته فعمر الواهى من أركانه وجدرانه وبيضه وأصلح سقوفه وبلطه وفرشه وكساه حتى عاد حرما فى وسط المدينة، واستجد به مقصورة حسنة، وأثر فيه آثارا صالحة.
وكذا عمل فيه الأمير بيلبك الخازندار مقصورة كبيرة، رتب فيها جماعة من الفقهاء لقراءة الفقه على مذهب الإمام الشافعى، ومحدثا يسمع الحديث النبوى، ووقف على ذلك الأوقاف الدارة، ورتب به سبعة لقراءة القرآن ومدرسا، وأقيمت فيه الجمعة يومئذ وحضرت فيه الأمراء والكبراء وأصناف العالم وكان يوما مشهودا، وبعد الفراغ من الجمعة قام الأمير عز الدين إلى داره ومعه الأمراء فقدم لهم ما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين، وكان قد أخذ خطوط العلماء بجواز الجمعة فيه، ووجد الناس به رفقا لقربه من الحارات.
وكان سقف الجامع قصيرا، فزيد فيه وعلا ذراعا، واستمرت الخطبة فيه حتى بنى الجامع الحاكمى فانتقلت الخطبة إليه، فإن الخليفة كان يخطب فيه خطبة، وفى الجامع الأزهر، خطبة وفى جامع ابن طولون خطبة، وفى جامع عمرو خطبة.
ولما استبد صلاح الدين يوسف بن أيوب بالسلطنة، انقطعت الخطبة من الأزهر وأقرت فى الجامع الحاكمى لأنه أوسع من الأزهر، وكان قاضى القضاة يومئذ شافعيا لا يرى إقامة خطبتين فى بلد واحدة، فبقى الأزهر معطلا عن الخطبة مائة عام، فلما استولى الملك الظاهر بيبرس على السلطنة أعيدت فيه الخطبة.
ثم فى زلزلة سنة اثنتين وسبعمائة، سقط الجامع الأزهر، والحاكمى، وجامع عمرو، وجوامع أخر فتقاسم الأمراء عمارتها، فتولى الأمير سلار عمارة الأزهر فأعاد ما تهدم منه.
وفى سنة خمس وعشرين وسبعمائة، جدده القاضى نجم الدين محمد بن حسين الأسعردى محتسب القاهرة.
ثم فى سنة إحدى وستين وسبعمائة، فى سلطنة الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، جدده الأمير الطواشى سعد الدين بشير الجامدار الناصرى لما سكن بقربه، فى الدار التى تعرف