ولكل طائفة فى جوانبه رواق يخصها، ويغلب على الظن أنه أشهر بقعة بعد المساجد الثلاثة فهو الجامع الجامع، والأزهر الأزهر، والمدرسة الكبرى، والبقعة النافعة، به يزول الجهل وتخلد حياة العلم وتتأدب النفوس وتتسع القرائح وتتنبه الفطن وتروق الأفكار وتتفنن الآداب وتظهر الأسرار ويكتسب الشرف ويعظم القدر، فكم بزغت فيه شموس وأقمار، وغردت فيه بلابل المعلمين والمتعلمين فى العشى والإبكار والأسحار.
ثم إن مدرسة جامع الأزهر، منذ أيام محمد على الذى أحيا المعارف والعلوم فى القطر المصرى، أخذت فى استرجاع رونقها/القديم، وجعل الطلبة يتقاطرون إليها من كل صقع من جميع المذاهب الإسلامية، فأصبحت مرضعة للعلوم الفقهية وغيرها، وانتشرت تلامذتها البارعون وفوائدها فى كل قطر من الممالك العثمانية وغيرها، وقد ضبط عدد الشيوخ المدرسين والطلبة والمجاورين بالأروقة فى هذه المدرسة سنة خمس وسبعين وثمانمائة وألف للميلاد (الموافقة لسنة ألف ومائتين وثلاث وتسعين من الهجرة) فكان عدد الشيوخ ثلاثمائة وواحدا وستين شيخا، منهم مائة وسبعة وأربعون شافعية، وتسعة وتسعون مالكية، وستة وسبعون حنفية، وثلاثة حنبلية، ومن المجاورين الطلبة عشرة آلاف وسبعمائة وثمانون فى خمس عشرة حارة وثمانية وثلاثين رواقا، منهم خمسة آلاف وستمائة وأحد وخمسون شافعية، وثلاثة آلاف وثمانمائة وستة وعشرون مالكية، وألف ومائتان وثمانية وسبعون حنفية، وخمسة وعشرون حنبلية، وقد زاد عددهم فى أواخر سنة خمس وسبعين وثمانمائة وألف نحو خمسمائة وأربعة وستين طالبا انتهى.
ويقرب من ذلك ما فى كتاب النتيجة الإحصائية للمدارس والمكاتب بالقطر المصرى وهو أمر تقريبى، وإلا فبالأزهر طلبة غير مكتوبين به، وفى دفاتره مكتوبون لا يحضرون الدروس بل يحترفون، وذلك أيضا شامل لأولاد المكاتب، وقوله إن الحنابلة ثلاثة هو خلاف الموجود به، فإنه ليس به من عدة سنوات إلى الآن إلا مدرس واحد حنبلى، ثم حيث كان بهذه المثابة بل أعظم منها فلنورد بيان بعض مشتملاته الآن من الحدود والمقاصير والعمد والمحاريب والأبواب والمنارات والصهاريج والسقايات والأروقة والمكاتب وخزائن الكتب وبيوت القناديل وبيت الخطابة والمزاول والقباب والمدافن والمخازن والآبار والمياضئ والمصانع والمراحيض، والمرتبات من الجرايات والنقود والغلال والخلع والكساوى وما يقرأ به من الفنون، ومشايخ المذاهب ومشايخ الأروقة وبيان المعلمين والمتعلمين والأئمة والمؤذنين والقومة والمؤدبين وأطفال المكاتب وغير ذلك.