للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والأروقة من أحسن المبانى فى العظم والوجاهة والفخامة، وأرخ بعضهم ذلك بهذه الأبيات الركيكة:

تبارك الله باب الأزهر انفتحا … وعاد أحسن مما كان وانصلحا

تقر عينا إذا شاهدت بهجته … بإخلاص بانيه للعلماء والصلحا

وادخل على أدب تلق الهداة به … قد قرروا حكما ميزانها رجحا

بالباب قد بدأ الأكوان أرخه … بعبد رحمن باب الأزهر انفتحا

وجدد رواقا للمكاويين والتكروريين، وزاد فى مرتبات الجامع وأخبازه، ورتب لمطبخه فى خصوص أيام رمضان فى كل يوم خمسة أرادب أرزا أبيض وقنطار سمن ورأس جاموس وغير ذلك من المرتبات والزيت والوقود للمطبخ، وزاد فى طعام المجاورين ومطبخهم الهريسة فى يومى الاثنين والخميس، وقد تعطل غالب ذلك فى هذا التاريخ الذى نحن فيه لغاية سنة عشرين ومائتين وألف.

وقد أنشأ الأمير المذكور عمائر كثيرة حتى فى الحجاز، ولو لم يكن له من المآثر إلا ما أنشأه بالجامع الأزهر من الزيادة والعمارة التى تقصر عنها همم الملوك لكفاه ذلك، ولما مات خرجوا بجنازته فى مشهد حافل حضره العلماء والأمراء والتجار ومؤذنو المساجد وأولاد المكاتب التى أنشأها ورتب لهم فيها الكساوى والمعاليم فى كل سنة، وصلوا عليه بالأزهر ودفن بمدفنه الذى أعده لنفسه بالأزهر عند الباب القبلى. انتهى باختصار. وقد بسطنا الكلام على عدّ مآثره وعمائره التى أجراها فى ترجمته عند الكلام على جامع الشيخ مطهر، وقد أجريت فيه بعد ذلك عمائر خفيفة فى عهد العائلة المحمدية كإصلاح بلاط صحنه وأخليته وبعض أبوابه، ولم يزل هذا الجامع ملحوظا عامرا مشارا إليه مقصودا للاستفادة والتبرك حتى للملوك والسلاطين.

وفى ابن إياس أن السلطان سليم شاه العثمانى دخله يوم الجمعة سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، فصلى به الجمعة وتصدق هناك بمبلغ كبير انتهى.

وكل حين يزداد عمارية وشهرة فى الآفاق، ويؤتى إليه من جميع بلاد الإسلام لتعلم العلوم الشرعية والعقلية والنقلية من دروسه الدائمة، المتصدر فى إقرائها جهابذة العلماء والمحدثين ما بين مؤلف ومدرس، فتجد فيه من المجاورين الألوف المؤلفة من الطوائف المختلفة كأهل الحجاز واليمن والسند والهند والسودان والجاوة وبغداد والمغرب والشام والسليمانية والأتراك والأكراد، خلاف الجم الغفير من البلاد المصرية الصعيد والبحيرة والفيوم والشرقية والغربية،