وباقيهم يسكن البيوت والوكائل بالقاهرة وبولاق وغيرهما، وهذا الرواق عن يمين الداخل من باب الصعائدة فى الدركة التى بين البابين يصعد إليه بنحو عشرين سلما، وتحت سلاليمه خلوة صغيرة تفرق فيها جراياته، وهو يحتوى على إيوان متسع بوسطه عمود من الرخام وبداخل الإيوان إيوان صغير بداخله خزانة فيها كثير من الكتب الموقوفة على عموم الطالبين ولها قيم يعير منها للمجاورين والمدرسين، وبدائر الإيوان دواليب وخزن لوضع أمتعتهم، وفى خارجه مطبخ وحنفية وأخلية ينزل إليها بدرج، وفوق المطبخ خلوة صغيرة برسم المؤذنين بالمنارة المجاورة له، وتحت الرواق صهريج كبير موقوف على عموم منافع الأزهر، وبجوار شباكه المطل على الدركة بزابيز يشرب منها المجاورون وخلافهم. وقد مر أن هذا الرواق وجميع جهته من إنشاء الأمير عبد الرحمن كتخدا مع ما أنشأ من العمائر غير ذلك، وقد وقف عليه أوقافا. ثم اقتفى أثره جماعة من أهل الخير فوقفوا عليه أوقافا من رباع وخلافها ورتبوا له جرايات يومية ومرتبات سنوية، فمن مرتبات الأمير عبد الرحمن كتخدا المذكور الجراية المعروفة بالجراية الكبيرة وهى رغيفان كل يوم لعدد مخصوص من المدرسين والطلبة من المكتوبين فى الدفتر الأول فالأول، فإذا غاب أحدهم أو مات دخل بدله من المنتظرين الواقفين على الباب الأول فالأول، ومن شرطه أن لا يأخذها إلا المشتغل بالعلم حضورا أو تدريسا من خصوص الصعايدة، حتى لو ولد بمصر لبعض المستحقين ولد اشتغل بالعلم بالأزهر لا يستحق منها لأنه ليس بصعيدى، وإذا سافر أحدهم ولم يترك أهله بمصر سقط حقه بمجرد سفره ومنها جرايته المرتبة لقراءة الربعة، ومن مرتبات نقيب أشراف الديار المصرية السيد عمر مكرم جراية تصرف لمن بعد المستحقين للجراية الكبرى كل واحد نصف رغيف كل يوم، وفى كثير من السنين تتعطل لعدم رواج أوقافها.
ومن مرتباته الجراية التى وقفها الأمير الحاج محمد باشا أبو سلطان أكبر أمراء بلاد منية ابن خصيب المترجم عند الكلام على بلدته زاوية الأموات فى جنوب المنية، وهى ثلاثمائة وعشرون رغيفا كل يوم يصرف منها لمائة واثنين من الطلبة لكل طالب رغيفان، ويصرف لستة وعشرين من المدرسين لكل واحد ثلاثة أرغفة، وللناظر الحسبى وهو شيخ الجامع كل يوم عشرون رغيفا، ولشيخ الرواق سبعة أرغفة، وللنقيب المتولى تفرقتها كل يوم أربعة أرغفة.
وقد وقف على ذلك مائة وخمسين فدانا من أحسن أطيانه بمديرية المنية وجعل النظر فيها لنفسه مدة حياته، ومن بعده لذريته الذكور، ومن بعدهم لناظر الأوقاف المصرية العمومية، وقرر فى الوقفية أنه إذا زاد الريع عن كفاية الجراية يخزن الزائد