لا تكاد تمر بالأزهر لتلاصقهم، بل قد يتدافعون ويتنازعون فى المجالس ويكون لهم دوى شديد، ويدركون الحر فى الشتاء من تجاور الأجسام وكثرة الأنفاس، ويكون لهم فى الصيف روائح غير مقبولة يلهيهم عنها اجتهادهم واشتغالهم بالتحصيل، ومنهم من يفر من ذلك فيقرأ فى نحو جامع محمد بيك أو مدرسة العينى، وأما بعد العشاء فليس فيه درس، بل المطالعة للمجاورين والمشايخ على السهارة أو غيرها إلى نصف الليل أو نحوه.
وأكثر اعتنائهم بفهم العبارات وحل التراكيب والمناقشات بالاعتراض والجواب والإطلاق والتقييد والمنطوق والمفهوم وغير ذلك من غير اعتناء بالحفظ، فتجد كثيرا منهم جبل فى الفهم فى الكراس وإذا سئل من خارج فقل أن يجيب لعدم استحضاره، والعادة أن يقرأ المشايخ للطلبة المبتدئين فى النحو شرح الكفراوى على الآجرومية مرتين فى السنة، وفى السنة الثانية شرح الشيخ خالد عليها بحاشية أبى النجاء مرتين، وفى الثالثة شرح الأزهرية بحاشية الشيخ العطار مرتين، ثم يقرؤون شرحى القطر والشذور لابن هشام فى سنة، ثم شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك فى سنة، ثم شرح الأشمونى عليها بحاشية الصبان فى سنتين أو ثلاثة، ثم متن المغنى بحاشية الشيخ الأمير فى سنة أو سنتين، وقد يكرر أحدهم حضور الكتاب أكثر من مرة، وفى أثناء هذه السنين يدرسون كتبا فى باقى الفنون فيقرؤون فى علم الصرف نادرا لامية الأفعال لابن مالك وغالبهم يكتفى بما فى آخر الألفية من ذلك، وفى علم البيان السمرقندية وشراحها وحواشيها ورسالة الدردير بحواشيها ورسالة الشيخ الصبان بحواشيها، وفى علم المنطق متن السلم وشراحه وحواشيه/وايساغوجى والقطب على الشمسية ومختصر السنوسى، وفى علم التوحيد السنوسية الصغرى بحواشيها والجوهرة وحواشيها والجريدة والسنوسية الكبرى، وبعد التمكن من النحو والإلمام بغيره يقرؤون متن التلخيص للقزوينى بشرح مختصر السعد وحواشيه، ثم بمطوله قليلا وهو يشتمل على ثلاثة فنون: المعانى والبيان والبديع، ويقرؤون من علم الأصول جمع الجوامع بشرح المحلى وحواشيه وهو من كتب أصول الشافعية، ومع ذلك يقرؤه أهل المذاهب الأربعة مع ترك قراءة أصول مذاهبهم، ويقرأ به من علم الحديث الجامع الصغير والشفا للقاضى عياض والمواهب اللدنية والشمائل للترمذى وموطأ مالك والبخارى ومسلم، وفى المصطلح البيقونية وغرامى صحيح، ومن التفسير شرح الجلالين وحاشية الجمل وشرح الخطيب والبيضاوى وأبو السعود ونحو ذلك، وأما الفقه فكل يشتغل بفقه مذهبه خاصة، فيقرأ المالكية أولا ابن تركى على العشماوية ثم الزرقانى على العزية ثم أبا الحسن على الرسالة ثم أقرب المسالك ثم متن خليل بشرح الدردير ثم بشرح الخرشى ثم بشرح عبد الباقى ثم مجموع الشيخ الأمير، ويقرأ الشافعية أولا ابن قاسم ثم الخطيب ثم التحرير ثم المنهج