العريشى لمشيخة الأزهر إذ هى أعظم مناصب العلماء فأحب التوصل إليها بكيفية، فحضر مع شيخ البلد إبراهيم بيك إلى الجامع الأزهر، وجمع الفقهاء والمشايخ وعرفهم أن الشيخ الدمنهورى أقامه وكيلا عنه، وبعد أيام توفى الشيخ الدمنهورى فتعين هو للمشيخة بتلك الطريقة، وساعده استمالة الأمراء وكبار الأشياخ وأبو الأنوار السادات وكاد أمره يتم، فانتدب لذلك بعض الشافعية الخاملون وذهبوا إلى الشيخ محمد الجوهرى وساعدهم وركب معهم إلى بيت الشيخ البكرى، وجمعوا عليهم جملة من أكابر الشافعية مثل الشيخ أحمد العروسى والشيخ أحمد السمنودى والشيخ حسن الكفراوى وكتبوا عرضحالا للأمراء مضمونه أن مشيخة الأزهر مناصب الشافعية وليس للحنفية فيها قديم عهد، وخصوصا إذا كان آفاقيا كالشيخ عبد الرحمن، وفى العلماء الشافعية من هو أهل لذلك علما وسنا، وأنهم اتفقوا على أن يكون المتعين لذلك الشيخ أحمد العروسى، وختموا على العرض وأرسلوه إلى إبراهيم بيك ومراد بيك فتوقف الأمراء وقالوا لإبراهيم بيك: أى شئ هذا الكلام! أمر فعله الكبار يبطله الصغار، ولأى شئ لا يتقدم الحنفية على الشافعية فى المشيخة، أليس الحنفية مسلمين ومذهب النعمان أقدم المذاهب، والأمراء حنفية والقاضى حنفى والوزير حنفى والسلطان حنفى؟ وثارت فيهم العصبية وشددوا فى عدم التقض. ورجع الجواب للمشايخ فقاموا على ساق، وشدد الشيخ محمد الجوهرى فى ذلك وركبوا بأجمعهم إلى جامع الإمام الشافعى ﵁ وباتوا به ليلة الجمعة، فهرعت الناس ينظرون فيما يؤول إليه هذا الأمر، وكان للأمراء اعتقاد فى الشيخ الجوهرى فسعى أكثرهم فى إنفاذ غرضه، وراجعوا مراد بيك وأوهموه حصول العطب له ولهم أو ثوران فتنة فى البلد، وحضر مراد بيك للزيارة فكلمه الشيخ الجوهرى وقال: لا بد من فروة تلبسها للشيخ العروسى ويكون شيخا على الشافعية، وذاك شيخا على الحنفية، كما أن الشيخ الدردير شيخ المالكية، والبلد بلد الإمام الشافعى وقد جئنا إليه وهو يأمرك بذلك، فإن خالفت يخشى عليك، فأحضر فروة وألبسها للعروسى، وركب مراد بيك وركب المشايخ وبينهم العروسى وذهبوا إلى إبراهيم بيك ولم يكن الأمراء رأوا الشيخ العروسى قبل ذلك، فجلسوا مسافة شرب القهوة وقاموا ولم يتكلم إبراهيم بيك بكلمة، وذهب العروسى إلى بيته وأخذ شأنه فى الظهور، واحتد العريشى وذهب إلى السادات والأمراء فألبسوه فروة، وتفاقم الأمر وصاروا حزبين، وتعصب للشيخ عبد الرحمن العريشى طائفة الشوام للجنسية، وطائفة المغاربة لانضمام شيخهم أبى الحسن القلعى معه من أول الأمر، وتوعدوا من كان مع الفرقة الأخرى ووقفوا لمنعهم من دخول