للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد آذن المؤذن لصلاة الظهر فصلى وصلى وراءه الفريقان، ولما دخل وقت العصر صلى بهم، ثم استقبلهم فحمد الله وأثنى عليه/وقال: أيها الناس إنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله، ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، السائرين فيكم بالجور والعدوان، فإن أنتم كرهتمونا وجهلتم حقنا، وكان رأيكم غير ما أتتنى به كتبكم انصرفت عنكم. فقال الحر بن يزيد الشمسى رئيس العصابة المرسلة للقائة: إنا والله ما ندرى ما هذه الكتب والرسل التى تذكر. فأخرج خرجين من الصحف فنشرها بينهم، فقال الحر: إنا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك، وقد أمرنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيد الله بن زياد. ثم منع أصحاب الحسين من الركوب، فقال له الحسين: ثكلتك أمك، ما تريد؟ فقال الحر: لو كان غيرك قالها ما تركت ذكر أمه، والله مالى إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما نقدر عليه. ثم سار الحسين، فأرسل إليه عمرو ابن سعد بن أبى وقاص خمسمائة فارس فحالوا بين الحسين وبين الماء، وذلك قبل قتله بثلاثة أيام، ونادوا: يا حسين لا ترى من الماء قطرة حتى تموت عطشا. ثم التقى الحسين بعمرو ابن سعد مرارا، فكتب عمرو إلى ابن زياد أن الله قد أطفأ الثائرة وجمع الكلمة، وقد أعطانى الحسين أن يرجع إلى حيث أتى، أو أن تسيره إلى ثغر من الثغور، أو يأتى إلى بيعة أمير المؤمنين. فكتب إليه ابن زياد: إنى لم أبعثك إلى الحسين لتكف عنه أو لتمنيه، فإن نزل الحسين وأصحابه على حكمى مستسلمين فابعث بهم إلى، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم فإنهم لذلك مستحقون، فإن قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره، فإنه عاق شاق قاطع ظلوم. فركبوا إليه والتحم القتال واشتد الأمر، وحضر وقت الصلاة فسأل الحسين أن يكفوا حتى يصلى ففعلوا، ثم اقتتلوا حتى قتل الحسين ، وحز رأسه الشريف، وسلب ما كان عليه حتى سراويله، ونهب ثقله ومتاعه وما على النساء، ووجد به ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وأربعون ضربة، وانتدب عشرة فداسوا بخيولهم حتى رضوا صدره وظهره، وقتل معه اثنان وسبعون رجلا، ودفن أهل الغاضرية من بنى أسد الحسين بعد قتله بيوم، ثم طيف بالرأس الشريف بالكوفة على خشبة، ثم أرسل بها إلى يزيد وأرسل بالنساء والصبيان، ومكث الرأس مصلوبا بدمشق ثلاثة أيام ثم أنزل فى خزائن السلاح، حتى ولى الملك سليمان بن عبد الملك فبعث إليه فجئ به وقد محل وبقى عظما أبيض، فجعله فى سفط وطيبه، وجعل عليه ثوبا ودفنه فى مقابر المسلمين. فلما ولى عمر بن عبد العزيز سأل عن موضع الرأس الشريف فنبشوه وأخذه، والله أعلم ما صنع به انتهى.