للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنشدوا وخرجوا على الشارع بجمعهم وسبوا السلف، فقبض على رجل ونودى عليه:

هذا جزاء من سب عائشة وزوجها ثم ضرب عنقه.

وفى سنة خمس عشرة وخمسمائة يوم عاشوراء عبى السماط المختص بعاشوراء، وهو يعبى فى غير المكان الجارى به العادة فى الأعياد، ولا يعمل مدورة خشب بل سفرة كبيرة من أدم والسماط يعلوها من غير مرافع نحاس، وجميع الزبادى أجبان وسلائط ومخللات، وجميع الخبز من شعير، وخرج الأفضل من باب فرد الكم وجلس على بساط صوف من غير مشورة، واستفتح المقرئون، واستدعى الأشراف على طبقاتهم، وحمل السماط لهم وقد عمل فى الصحن الأول الذى بين يدى الأفضل إلى آخر السماط عدس أسود ثم بعده عدس مصفى إلى آخر السماط، ثم رفع وقدمت صحون كلها عسل نحل.

وفى سنة ست عشرة وخمسمائة يوم عاشوراء، جلس الخليفة الآمر بأحكام الله على باب الباذهنج يعنى من القصر، بعد قتل الأفضل وعود الأسمطة إلى القصر على كرسى جريد بغير مخدة، متلثما هو وجميع حاشيته، فسلم عليه الوزير المأمون وجميع الأمراء الكبار والصغار بالقراميز، وأذن للقاضى والداعى والأشراف بالسلام عليه وهم بغير مناديل ملثمون حفاة، وعبى السماط فى غير موضعه المعتاد وجميع ما عليه خبز الشعير والحواضر على ما كان فى الأيام الأفضلية، وتقدم إلى والى مصر والقاهرة بأن لا يمكنّا أحدا من جمع ولا قراءة مصرع الحسين، وخرج الرسم المطلق للمتصدرين والقراء والوعاظ والشعراء وغيرهم على ما جرت به عادتهم.

وفى سنة سبع عشرة وخمسمائة جلس الخليفة على الأرض متلثما يرى به الحزن، وحضر من شرف بالسلام عليه والجلوس على السماط بما جرت به العادة. قال ابن الطوير: إذا كان اليوم العاشر من المحرم احتجب الخليفة عن الناس، فإذا علا النهار ركب القاضى والشهود وغيروا ريهم ثم ساروا إلى المشهد الحسينى، وكان قبل ذلك يعمل بالجامع الأزهر، فإذا جلسوا فيه ومن معهم من قراء الحضرة والمتصدرين فى الجوامع جاء الوزير فجلس صدرا، والقاضى والداعى من جانبيه، والقراء يقرؤون نوبة بنوبة، وينشد قوم غير شعراء الخليفة شعرا يرثون به أهل البيت، فإن كان الوزير رافضيا تغالوا، وإن كان سنيا اقتصروا، ولا يزالون كذلك إلى أن يمضى ثلاث ساعات فيدعوهم إلى القصر نقباء الرسائل، فيركب الوزير وهو بمنديل صغير إلى داره، ويدخل القاضى ومن معه إلى دار الذهب فيجدون مصاطب الدهاليز قد فرشت بالحصر بدل البسط، وينصبون دككا تلحق بالمصاطب،