وفى البلاد يذكر إقليم البلد، والمسافة بينها وبين ما يليها من البلاد من أىّ الجهات، ثم إن كانت تلك البلد محل وقعة من الوقائع القديمة قبل الإسلام، أو الحادثة بعده ذكرها.
ويصف البلد على أتم وصف، ويوضح أمرها، ويذكر ما طرأ عليها من تغيير وتبديل وعمارة وخراب، وغير ذلك من الأحوال على وجه الصواب، ويذكر تواريخ وتراجم من نشأ فيها من العلماء والأعيان والمشاهير والأولياء قديما وحديثا بألطف بيان.
وقد جمع لذلك ما لا يحصى من حجج الأوقاف والأملاك وكتب التاريخ للقاهرة وغيرها من النظار والملاك.
وبالجملة فهو كتاب جليل المقدار، واضح المنار، ثمين القيمة، غزير الديمة، فريد فى بابه، إمام فى محرابه، يعز على غير مؤلفه - حفظه الله - تأليف مثله، ولا يعرف غير العلماء والفضلاء فى هذا الشأن مقدار فضله:
كتاب عظيم الشان عز مثيله … حوى دقة المعنى إلى رقة اللفظ
إذا سمعت أذناك رقة لفظه … ترى نفثات السحر فى ألطف اللحظ
به منهل التحقيق ساغ وروده … له فى نفوس الأذكياء أوفر الحظ
يعز على ذوق الغبىّ مناله … وينبو عن الجافى وعن مسمع الفظ
جعله مؤلفه خدمة لوطنه، ونفعا لأهل هذا الشأن، وقياما بحق زمنه، وهدية من أحسن الهدايا، وتحفة من أبهج التحف، وذخيرة من أعظم الذخائر، وطرفة من أنفس الطرف، لخزانة الحضرة المهيبة الخديوية (١)، والطلعة الداورية التوفيقية، حضرة سيدنا ومولانا الذى عم الأنام إحسانه، وشملهم جوده وامتنانه، محيى رفات المكارم بعد اندراسها، ومشيد أركان المفاخر على مكين أساسها.
سيد يملأ القلوب ابتهاجا … ولمن حلّ فى حماه مجير
هو نهد رحب الذراع مهيب … ورؤوف لمن أساء غفور
وسع الناس حلمه وهو سيف … فى حدود الإله ماض غيور
وأنام الأنام فى ظل أمن … بحماه وسيفه مشهور
أخصبت مصر إذ أقام بها العد … ل، فأمست وكسرها مجبور
(١) بقية المقدمة عبارة عن مدح بالنثر والشعر فى الخديو محمد توفيق، وذكر لمناقبه وكريم خصاله وسجاياه، رأينا إثباتها بالرغم من زيفها وافتتاتها على الحق، خاصة وقد أصبحنا نعرف دور توفيق فى ضرب الثورة العرابية الوطنية، والترحيب بمقدم قوات الاحتلال البريطانية، ليرى القارئ المعاصر نموذجا لبعض أساليب الكتابة والزلفى للحاكمين وقت نشر الكتاب.