هو الفلك الأعلى تنزل وازدهى … بزهر الدرارى جامعا كل فرقد
ألا إن تجديد العجيب من البنا … يؤكد تأسيس اقتدار المجدد
وهل أثر يا صاح يعرب عن حلى … مؤثره دون البناء المشيد
فدع قصر غمدان وأهرام هرمس … وإيوان كسرى إن أردت لتهتدى
ودع ارما ذات العماد ونحوها … وعرشا لبلقيس كصرح ممرد
ودع أموى الشام وانزل بمصرنا … وبادر إلى هذا بإيماء مرشد
فلو عددت فى الكون بدأ بدائع … لكان به ختم لذاك التعدد
كأن الليالى الوالدات عجائبا … أصبن بعقم بعد هذا التولد
لئن صار فى الدنيا وحيدا تفردا … فلا غرو والمنشى له ذو تفرد
مليك جليل الشان ليس كمثله … جليل بعلياه اقتدى كل مقتدى
محمد آثار على مآثر … عزيز افتخار ساد كل مسود
هو المنهل العذب الذى دون ورده … تزاحمت الأقدام فى كل مورد
هو الغيث يحيى كل قطر بجوده … فيخضل من قطر الندى وجهه الندى
هو الشمس لم تحجب سناها غمامة … ولا أنكرت أضواءها عين أرمد
له همم تسمو إلى هامة العلا … إذا حددت لا تنتهى بالتحدد
فكم آية فى صفحة الدهر خطها … لتتلى وأحكام التلاوة سرمدى
وكم غرة فى جبهة الكون أسفرت … بإحسانه عن وجه عز وسودد
وكم مكرمات منه أوفت بعهدها … إذا وعدت تأبى تخلف موعد
وكم صدقات واصلتها صلاته … مسبلها يجرى بوقف مؤبد
/وكم منشآت كالرواسى تخالها … حصونا جرت فى البحر ذات نشيد
وكم مسجد مبناه يشهد أنه … على وفق معنى إنما يعمر ابتدى
محاسن شتى قد تجمع شملها … وصار انتظاما عقد در منضد
فزانت به الدنيا مقلد جيدها … وقالت لأهل الدهر هل من مقلد
له الله من راع حمى حومة العلا … وراعى الرعايا إذ تروح وتغتذى