السكر المذاب، وجلس السلطان بالقرب من البركة على تخت فأكل الناس ونهبوا من أنواع المطاعم والحلوى وارتووا من السكر وحملوا ما قدروا عليه، ثم خلع على قاضى القضاة شمس الدين محمد بن سعد الديرى الحنفى كاملية صوف بفروسمور واستقر فى مشيخة التصوف وتدريس الحنفية، وجلس بالمحراب والسلطان عن يمينه وعن يساره قاضى القضاة ومشايخ العلم وحضر أمراء الدولة؛ فألقى درسا مفيدا إلى أن قربت الصلاة فصعد المنبر ناصر الدين محمد بن البارزى كاتب السر؛ فخطب وصلى ثم خلع عليه واستقر شهاب الدين الأذرعى فى إمامة الصلوات الخمس وخلع عليه وكان يوما مشهودا.
ولما مات المقام الصارمى إبراهيم بن السلطان دفن بالقبة الشرقية، ونزل السلطان فشهد دفنه يوم الجمعة ثانى عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين، وجلس حتى صلى الجمعة وخطب له كاتب السر محمد البارزى خطبة بليغة.
وفى آخر الشهر استقر فى نظر الجامع الأمير مقبل الدوادار وكاتب السر ابن البارزى معا ثم مات ابن البارزى، واستمر الأمير مقبل إلى أن مات السلطان يوم الاثنين ثامن المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة فدفن بالقبة الشرقية ولم تكن عمرت. فشرع فى عمارتها حتى كملت فى ذى القعدة من السنة المذكورة، وكذا الدرج التى يصعد منها إلى الجامع من داخل باب زويلة لم تعمل إلا فى رمضان منها، وبقيت بقايا كثيرة من حقوق الجامع لم تعمل من ذلك القبة المقابلة للقبة المدفون تحتها السلطان والبيوت المعدة لسكن الصوفية وغير ذلك؛ فأفرد لعمارتها نحو عشرين ألف دينار واستمر نظر الجامع بعد موت السلطان بيد كاتب السر اه. ملخصا.
وفى كتاب المزارات للسخاوى: أن الملك المؤيد لما بنى هذا الجامع طلب له عمد الرخام وألواح الرخام من الدور والمساجد وهدم لأجله مسجد الأقدام الذى بالقرافة الكبرى، وحسّن له الناس هدمه حيث إنه فى وسط الخراب فصار إلى الآن كوما من جملة الكيمان وكان مسجدا عامرا والناس يأتون لزيارته من الآفاق؛ لأنه أحد المساجد السبعة التى بالقرافة المجاب عندها الدعاء، وكان مرتفعا عن الأرض يصعد إليه بدرج وكان واسع الفناء حسن البناء ..
ويزعم العوام: أن به قبر آسية امرأة فرعون ويسمون الموضع بها وليس بثابت.
قيل: إنما سمى هذا الجامع بمسجد الأقدام لأن مروان بن الحكم لما دخل مصر بايعه أهلها إلا جماعة من المعافر وغيرهم؛ فقالوا: لا نترك بيعة ابن الزبير. فأمر مروان