للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتوطنوا بها وكان جدّه ووالده من معتبرى الأمة، وكان من مبدأ أمره متدرّجا فى الخدم المعتبرة الميرية لنجابته وحاز الرياسة فى عهد المرحوم الخديوى الكبير، ونال من قبله الرتبة الثالثة حيث كانت الرتب عزيزا منالها وتولى رياسة ديوان المالية فى عهد الخديوى سعيد باشا، وكان مرعى الجانب وافرا لحرمة لدى وزراء الحكم وأمراء مصر حال الخدّامة وبعدها، واشتهر بين قومه بفعل الخير والإحسان شهرة بليغة فكم من كنائس قليلة الإيراد وبيوت مستورة وأشخاص منقطعة كان مرتبا لها عليه مرتبات شهرية أو سنوية كما دلت على ذلك دفاتره التى ما كان يطلع عليها أحدا حال وجوده.

أما عنايته البليغة بأمر فقراء الأمة القبطية فكانت أكبر قسم من أعماله، ولما رتب حضرة البطريرك كيرلوس منشئ المدرسة على كثير من أبناء الأمة شهرية تتحصل وتصرف على الفقراء والمحتاجين كان المترجم أول مجتهد فى هذه المبرة، ومن دأبه أنه كان إذا وجد فتورا فى التحصيل والصرف يحرض الرؤساء والوجوه على ذلك ويتقدّمهم فى الاشتراك والمساعدة وكثيرا ما كان يتعطل التحصيل والصرف فيلتزم تارة بالإسعاف والصرف من جهته خاصة وتارة يلزم من يمكنهم المساعدة فى ذلك خارجا عن المرتب، ولرغبته فى أن تكون حسناته مستمرة بعد وفاته أيضا وقف حصة خيرية من أملاكه جميعها ما بين أطيان زراعية ومنازل عقارية يصرف جزء من ريعها على الفقراء وجزء على خدمة الكنائس وجزء لإحياء الصلوات والقداسات على روحه كل سنة، وباقى أملاكه وقفها وقفا أهليا على ورثته وأقام وصيّا على ذلك بعده حضرة نجله الأكبر الوجيه الشهير عريان بك تادرس، وأخرج بذلك حجة شرعية وحرر وصيته بنفسه ثم توفى فى برمهات سنة ١٥٨٨ للشهداء، وكان مشهد جنازته ودفنه حافلا معتبرا جدا وبعد وفاته أنفذ نجله المذكور وشقيقه المحترم الوجيه باسيلى أفندى مضمون وصيته على التمام ولم يكتفيا بحفظ الحجج الدالة على ذلك وإنفاذ مضمونها بل حرّرت حرفيا وضمت فى مجموع واحد وطبع من هذا المجموع عدة نسخ بمطبعة الأقباط الأهلية، ووزعت على الورثة وحفظت نسخة منها بالبطريكخانة العامرة، ولقد اقتدى به فيما عمله من الوقف والوصية بعض أكابر الأمة كالشهير دميان بك وغيره، ولم تزل أنجاله المحترمون مواظبين على