للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى تلك السنة-أعنى سنة ٦٩٤ - ستة عشر ذراعا وسبعة عشر إصبعا، ونزل سريعا، وكسر بحر أبى المنجى-قبل أوانه بثلاثة أيام-خوفا من النقص، فبلغ أردب القمح مائة درهم، والشعير ستين درهما، والفول خمسين، ورطل اللحم ثلاثة دراهم، فأخرجت الغلال من المخازن، وفرقت فى المخابز، ورتب لكل صاحب جراية ست جرايات فى شهرين. وكان راتب البيوت وأرباب الجرايات-كل يوم-ستمائة وخمسين أردبا ما بين قمح وشعير، ومن اللحم عشرين ألف رطل.

وكان قد ظهر خلل فى الدولة؛ لقلة المال وكثرة النفقات، فتعددت المصادرات للولاة والمباشرين، ووزعت البضائع بأغلى الأثمان على التجار.

ودخلت سنة ٦٩٥، والناس فى شدة من الغلاء وقلة الوارد، لكنهم كانوا يمنون أنفسهم بمجئ الغلال الجديدة-وكان قد قرب أوانها-فعند إدراك الغلال؛ هبت ريح مظلمة، من نحو بلاد برقة هبوبا عاصفا، وحملت ترابا أصفر كسا زرع تلك البلاد، فأتلف أكثرها، وعم ذلك التراب إقليم الجيزة، والغربية، والشرقية، وزرع الصعيد الأعلى، وفسد زرع الصيف كالأرز، والسمسم والقلقاس، وقصب السكر، وكل ما يزرع على السواقى، فتزايدت الأسعار. وبعد تلك الريح جاءت حمى عمت الناس، فغلا سعر السكر والعسل وما يحتاج إليه المرضى، وعدمت الفواكه، وبيع فرخ الدجاج بثلاثين درهما، ووصل سعر أردب البر مائة وتسعين، والشعير مائة وعشرين، والفول والعدس مائة وعشرة، ورطل البطيخ درهمين، وحبة السفرجل ثلاثة دراهم.

وتزايد القحط فى بلاد/القدس والساحل، ومدن الشام إلى حلب، فوصلت غرارة القمح سعر مائتين وعشرين درهما، والشعير نصف ذلك، ورطل اللحم عشرة دراهم، والفاكهة أربعة أمثالها.

وكان ببلاد الكرك، والشوبك، وبلاد الساحل لما يرصد للمهمات والبواكير ما ينوف عن عشرين ألف غرارة، فحملت إلى الأمصار.