للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألف نفس، وتغيرت الحكام فى اليوم الواحد أربع مرات من هوله وشدته؛ فإنه كان يتعين الحاكم منهم فيموت من يومه، فيتعين بدله، وهكذا. ومات فيه إسماعيل بيك وأهل بيته، وذريته وأتباعه، وخلا بيته مرة واحدة.

وتلا ذلك قحط شديد، وغلاء عظيم لم ير مثله؛ بسبب أن إبراهيم بيك، ومراد بيك احتكرا غلال الصعيد، وصارا يتجران فيها فى الخارج.

هذا، ولم أذكر من حوادث تلك الأيام غير المهم منها، وإلا فما تركته أكثر مما ذكرته.

والآن قد أزال الله جميع ذلك، وخلصنا من مهاوى هاتيك المهالك، حتى صرنا لا نسمع به، فلأى سبب كان يوجد فى الماضى، ولأى سبب لم يوجد الآن؟ ولأى شئ لم يكثر فى أرض مصر زمن الفراعنة، ومن أتى بعدهم، وفشا فى مدة العرب ومن عقبهم؟ وكيف بعد أن كان تعداد أهالى مصر ثمانية ملايين-كما قال استرابون-وقبلهم، صار يتناقص حتى وصل لثلاثة ملايين، حين دخول الفرنسيس؟ وكيف انتقل حتى صار الآن خمسة ملايين، ولم يزل يزداد سنة فسنة، فهل يعرف لذلك سبب غير سوء التدبير، والجهل بسياسة أمور الأمة فى تلك الأزمان؟

وزال ذلك كله والحمد لله فى الأزمان الحالية، فإنا نعلم أن الطاعون كان يظهر فى القطر كل خمس أو أربع سنين/مرة، والآن ذهب من أصله، بسبب ترتيب مجالس الصحة، وإزالة الأمور الضارة: كالبرك والمعاطن، وإحكام المدافن، واختيار المقابر فى المواضع اللائقة؛ خصوصا حين ابتدئ فى تلقيح الجدرى للأطفال، فخلص منه كثير، وأخذ تعداد الأمة يزداد كل سنة، مع أنه كان فى السابق يموت الأغلب ويبقى القليل.

وكذلك لو سردنا الأمراض التى كانت قاطنة ببيوت الأهالى، تحصد فيهم حصد الزرع، لوجدنا أن أغلبها ذهب، ونجى الله الخلق منه، وليس هناك سبب، غير عناية الحكومة المحمدية العلوية، وتوفيق الله إياها لإجراء ما يصلح العباد، فكم من مرة مررت-