ذاك-كانت كثيرة، وكانت العربة-إذ ذاك-لا تحمل إلا نصف حملها الآن بسبب عدم استواء أرض المحطة مع كثرة الأتربة، الموجب كل ذلك لتعب الحيوانات وتعطيل السير، لا سيما فى فصل الشتاء لزيادة بلل البضاعة بماء المطر، وتلويثها بالطين والوحل.
ومع وجوب الالتفات لهذه الأمور كلها، كان هناك ما هو أهم منها، كحفظ مهمات السكة كالعربات والوابورات من فعل الحرارة والرطوبة والأتربة، وعماراتها بأوقاتها.
ولكون هذه المحطة، كما قلنا، مجمع جميع العربات والوابورات، كان يجتمع بها الصحيح والمتخرب، فكان خدمة المحطة إذا وجدوا المجتمع هناك قد زاد زيادة فاحشة يخفونه فى جهة القبارى، وباب العزب، وفوق سكة مريوط، حتى إنى رأيت-وقت توجهى إلى تلك المصلحة-أربعمائة عربة متخربة فى تلك الجهة خاصة، وكان الذى يعمر منها-مع قلته-يعمر بمهمات عربات أخرى، فكانت عمارة العربة الواحدة تستوجب تخريب عربتين وأكثر، وعمارة الوابور الواحد تستلزم تخريب وابور مثله.
وهذه الأمور كانت جارية من سنة إلى سنة، وكثر التلف وعم حتى كان قطر الركاب يغير له الوابور مرارا، من إسكندرية إلى مصر، واشتهر هذا الأمر، وكثر لغط الناس به، واستوجب زيادة النفرة عن السكة الحديد، وعدلوا إلى ركوب البحر، فرأيت أن الواجب علينا، لتحقيق ما أملته الحضرة الخديوية، أن نبذل غاية الجهد فيما يقوم بشعائر تلك المصلحة، ويزيل النفرة عنها ويجلب الرغبة فيها، فشمرت عن ساعد الجد، وبذلت الجهد وشرعت فى عمل الطريق الجالبة للرغبة، وصيانة المهمات وعمارتها.
وأول أمر التفت اليه تنظيم الطرق الموصلة للمحطة، ودكها بالدقشوم وملئها بالرمل، ليسهل على عربات الكراء السير عليها مع تمام حملها، وتزول/المشقة التى كانت قبل، ثم تسوية المحطة جميعها ودكها أيضا بالدقشوم والرمل، مع تجديد أرصفة غير القديمة، بعضها فى الجهة المجاورة للمحمودية، وبعضها فى الجهة المجاورة للقبارى، وتخصيص كل بما يليق به من