إيرادها، فصار النظر فيما يوجب رغبة التجار فى استعمال السكة فى متاجرهم، فوجد أن اللازم لذلك ثلاثة أشياء:
الأول: نقص أجرة البضاعة فى السكة الحديد عما يصرف عليها لو سافرت برا أو بحرا.
والثانى: الإسراع بها حتى تصل المحل المنقولة إليه فى زمن أقل مما كان يلزم لنقلها بغير السكة الحديد.
والثالث: حفظها من جميع الغوائل كالحرق والسرقة والبلل وغير ذلك.
فأما الثانى والثالث، فقد تما بما عمل من الاستمارات التى نشرت فى جميع المحطات، وبما بنى من السقائف، وما جعل لتغطية العربات.
وأما الأمر الأول، وهو أهمها، فقد عمل بخصوصه جميع وسائط الترغيب مثل:
عقد تعهدات مع التجار بنقص قدر معلوم من أجر بعض الأصناف لمشاهير التجار، وبنقص عشرة أو أكثر فى المائة من جملة أجرة المنقول فى كل ثلاثة أشهر أو ستة أو سنة، وربطت لها درجات، وحررت بذلك تعريفة مؤقتة طبعت ونشرت على المحطات والدواوين وأكابر التجار ووجوه الناس، وحدد لكل عربة قدر ما تحمله، ورتبت جملة ملاحظين لمباشرة ذلك بالضبط، حتى لا تسير العربات إلا بأحمالها الكاملة
ومع كون هذه المسألة من أهم المسائل كانت غير ملتفت إليها، وكثيرا ما كان القطر المركب من أربعين عربة وحمولته مائتا طن، لا يحمل إلا ربعه أو نصفه، مع أن المصلحة تصرف على الوابور مصرفه كاملا.
وهذا ضرر بيّن، موسع لدائرة الخلل، معطل للتشهيل.
فبتلك الأعمال الجليلة، عظمت رغبة التجار فى استعمال السكة الحديد، وانهلّت البضائع على اختلاف أنواعها على جميع المحطات تجارية وزراعية، حتى البطيخ، والخيار، والأسماك، والحجر، والدبش، والرمل، والحطب، والسباخ.