من حيوانات ونحاس وبز وحرير وغير ذلك، وتنصب فيه الخيام بكثرة وتجتمع أرباب الأشائر وأهل الأذكار وأولاد الفقراء وأهل الأهواء وأصحاب الملاعب وآلات اللهو، فليلا ونهارا ترى الأذكار حلقا حلقا فى الخيام وفى الجامع وقراءة القرآن والصلوات والأوراد، وترى حلق الألعاب كالحاوى والطبول والكوسات والمزمار وميادين ملاعب الخيل وغير ذلك، وتذبح فيه الذبائح الكثيرة وتكثر المدّات والقهاوى، وربما كان فيه الخمارات والبوزة وكثير من المنكرات، وهكذا أكثر الجموع والموالد فى سائر القطر، تشتمل على الطاعات والمعاصى وأكثر ما يستعمل بين الناس فى المجامع هو القهوة للخاص والعام، حتى يكون شربها فى مولد سيدى إبراهيم ونحوه مثل شرب الماء أو أكثر، وكذا تستعمل فى المضايف للإكرام فيجعلونها تحية القادم، وقد لا يستغنى عنها معتادها إلا بضرر يلحقه وعم استعمالها فى أكثر بقاع الأرض.
وقد تكلمنا على القهوة بطرف مما يناسبها فى كتابنا علم الدين، كما تكلمنا هناك أيضا على الحشيشة المسماة حشيشة الفقراء، والآن قد عثرنا فى كتاب دساسى المسمى (بالأنيس المفيد للطالب المستفيد، وجامع الشذور من منظوم ومنثور) على نبذة تتعلق بالقهوة للشيخ عبد القادر بن محمد الأنصارى الجزيرى/الحنفى فأردنا إيرادها لتكثير الفائدة فنقول:
قال فى ذلك الكتاب: الباب الأول فى معنى القهوة وصفتها وطبعها وفى أى بلدة بدا انتشارها ولأى معنى طبخت وشربت وعلا منارها.
اعلم أن القهوة هى النوع المتخذ من قشر البن أو منه مع حبة المجحّم. بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الحاء المهملة المفتوحة أيضا: أى المقل، وصفتها أن يوضع القشر إما وحده وهى القشرية، ومع البن المجحم المدقوق وهى: البنية فى ماء، ثم يغلى عليه حتى تخرج خاصيته، ومنهم من يجد غاية اعتدال استوائها بطعم مذاقها: أى المرارة وتسمى عندهم فى اصطلاح ذوى معرفتها المحكّمة الاستواء بتشديد الكاف وتركه ثم تشرب.