للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فمن قائل بحلها: يرى أنها الشراب الطهور المبارك الموجب للنشاط والإعانة على ذكر الله تعالى وفعل العبادة. ومن قائل بحرمتها مفرط فى ذمها والتشنيع على شرابها، وكثر فيها من الجانبين التصانيف والفتاوى، وبالغ القائل بحرمتها فادّعى أنها من الخمر وقاسها به، وبعضهم نسب إليها الإضرار بالعقل والبدن إلى غير ذلك من الدعاوى والتعصّبات المؤدية إلى الجدال والفتن وإتلاف النفوس والمحن بمكة ومصر القاهرة، وحكم بمنع بيعها وكسر أوانيها الطاهرة، بل وتعزير باعتها بالضرب وغيره من غير حجة ظاهرة، وتأديبهم بإضاعة مالهم وإحراق القشر المتخذة منه وإيذاء بعض شرابها رجاء مصلحة تعود عليه إما فى الدنيا وإما فى الآخرة.

وهاجت لأجلها جنود الشياطين وثارت حظوظ النفوس التى لا طائل تحتها من المؤمنين، وبالغ الذام لها فزعم أن شاربها يحشر يوم القيامة ووجهه أسود من قعور أوانيها، وكثر التقاطع والتدابر بين الفريقين، وسيرد عليك ما قيل فى حقها من الأسئلة والأجوبة مما يكشف عن وجه حلها النقاب ويمنع من خالف بحجج سالكة فى جادة الصواب.

وأما اشتقاق اسم القهوة فقال: العلامة الفخر أبو بكر بن أبى يزيد فى مؤلفه (إثارة النخوة بحل القهوة) إنها من الأقهاء وهو الاجتواء: أى الكراهة أو من الإقهاء بمعنى الإقعاد من: أقهى الرجل عن الشئ: أى قعد عنه، وكراهة كل شئ والقعود عنه بحسبه؛ ومنه سميت الخمرة قهوة؛ لأنها تقهى: أى تكره الطعام أو تقعد عنه حسبما نقل عمن يعرف أحوالها، فكذلك هذا المعنى المذكور فتكره أو تقعد عن النوم الموضوعة فى الأصل لإذهابه لما يترتب عليه من قيام الليل المطلوب شرعا، ثم قال: وبعضهم كان يكسر القاف ويقول القهوة فرقا بين القهوتين.