قال والذى أقوله إن الحق الذى لا مرية فيه: إنها فى حدّ ذاتها حلال، وأما الأمور المستجدة من هيئة بيوت باعتها واجتماع أهل المحظور فيها وإضافة ما لا يباح إليها فإنها تحرمها، والخمر إنما حرمت بعد حلها لاشتمالها على قبح الأوصاف التى يحدث منها إيقاع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة.
ثم قال: من الباب الثانى فى سياق المحضر الذى كتب فى شأنها بمكة المشرفة، وشرح المرسوم السلطانى الوارد جوابا عما نعت من صفتها إلى غير ذلك من نحو فتاوى العلماء فيها أما المحضر/فنص المقصود منه: هذه صورة واقعة شرعية مضمونها: أن مولانا الشريف أبا النصر قانصوه الغورى. لما أقامه الله تعالى خادما للحرمين الشريفين جعل الجناب العالى خير بيك المعمار ناظر الحسبة الشريفة بمكة المشرفة، وباشا على المماليك السلطانية بها، فمما اتفق له أنه فى ليلة الجمعة الثالث والعشرين من ربيع الأول سنة سبع عشرة وتسعمائة طاف بالكعبة الشريفة، ثم شرب من ماء زمزم ثم توجه إلى بيته، فرأى فى طريقه ناسا مجتمعين فى ناحية من نواحى المسجد الحرام، قد جمعهم السيفى قرقماس النّاصرى، يزعم أنه قد عمل مولدا للنبىّ ﷺ، فقبل وصوله إليهم أطفأوا الفوانيس التى كانت موقدة فاتهمهم فى ذلك وأرسل إليهم، فوجد بينهم شيئا يتعاطونه على هيئة تعاطى الشراب المسكر، ومعهم كأس يديرونه بينهم وقرقماس هو الساقى لهم، فأنكر خاطر الأمير ذلك، سيما وموضوع وظيفة الحسبة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وسأل عن هذا الشراب فقيل له: إنه شراب اتخذ فى هذا الزمان يسمى القهوة، يطبخ من قشر حب يأتى من بلاد اليمن يقال له: البن وأنه قد كثر وفشا بمكة وصار يباع فى أماكن على هيئة الخمارات، ويجتمع عليه الرجال والنساء بدف ورباب