وغير ذلك، ويجتمع فى تلك الأماكن من يلعب بالشطرنج والمنقلة ونحوها بالرّهن وغيره مما هو ممنوع فى الشريعة المطهرة حماها الله من الفساق إلى يوم التلاق، فأنكر على هؤلاء الجماعة المجتمعين وفرق جمعهم وشتت شملهم، فلما أصبح جمع القضاة والعلماء المقتدى بهم، وحضر مولانا قاضى القضاة النجمى المالكى، وتعذر حضور قاضى القضاة نسيم الدين المرشدى الحنفى، وحضر الشيخ شهاب الدين فاتح بيت الله الحرام والشيخ عفيف الدين عبد الله اليمانى الحضرمى الشافعى المعروف بأبى كثير وجماعة كثيرون، وأحضر القهوة فى مركن كبير والكأس معه وفاوضهم الأمير فى أمر القهوة واجتماع الناس عليها على هذه الهيئة، فأجابوا أجمعون؛ بأن ذلك حرام اتفاقا يجب إنكاره، وأما الحب المسمى بالبن فحكمه حكم النباتات، والأصل فيه الإباحة، فإن كان يحصل من مطبوخ قشره ضرر فى البدن أو العقل، أو يحصل به نشوة وطرب فإنه حرام، ولو استعمله الإنسان بمفرده فى داخل بيته، والمرجع فى ذلك إلى الأطباء، فأحضر الأمير خير بيك الشيخ نور الدين أحمد العجمى الكازرونى وأخاه علاء الدين عليا، وهما من أعيان السادة الأطباء بمكة وسألهما عن هذا البن، فذكروا أنه بارد يابس مفسد للبدن المعتدل، فاعترض عليهما شخص من الحاضرين ممن ليس لهم إلمام بالطب وقال: إن البن مذكور فى «منهاج البيان» وإنه محرق للبلغم، فقال الطبيبان: إن المذكور فى «المنهاج» ليس هو هذا فإن هذا جزء مفرد بسيط وذاك مركب من أبازير، وأبانا شهادتهما بصيغة (أشهد) المعتبرة لدى القضاة، ثم ذكر جماعة من الحاضرين أنهم استعملوا القهوة فتغيرت حواسهم وأنكروا هيئتهم وتغير عقلهم وحصل الضّرر فى أبدانهم وأقاموا شهادتهم بذلك عند القاضيين الصّلاحى الشافعى والنجمى المالكى، ثم روجع فى ذلك قاضى القضاة نسيم الدين الحنفى فى داره فقال: إنه أقيم عنده البينة بمثل ذلك، ولما تحقق الأمير خير بيك المحتسب عدم حلها أشهر النداء بمكة المشرفة بمسعاها ونواحيها بالمنع من تعاطى القهوة، وجعل ذلك فى الصحائف الشريفة، كل ذلك فى ضحوة يوم الجمعة إلى هنا انتهت عبارة المحضر ببعض حذف.