ما قولكم رضى الله عنكم فى مشروب يقال له: القهوة، شاع شربه فى مكة المشرفة وغيرها بحيث يتعاطونه فى المسجد الحرام وغيره، ويدار بينهم بكأس، وقد أخبر خلق ممن تاب عنه؟ بأن كثيره يؤدى إلى السكر، وأخبر عدول من الأطباء بأنه مضر بالأبدان، وقد منع من شربه من يعتد بقوله من العلماء والزهاد بمكة، وهناك شاهد جاهل جعل نفسه واعظا وأفتى الفساق بحل شربه.
فقيل له: ما تقول فى هذه الإدارة على هذه الصفة؟ فقال الشارع أدار اللبن فقيل له: أخطأت لم يكن إدارة اللبن على هذه الصفة فهل يحل شربه على الوجه المذكور أم يحرم مطلقا لكونه مسكرا ومضرا بالأبدان، وماذا على الجاهل المبيح لشربه، وهل يجب على ولى الأمر إزالة هذا المنكر والمنع منه وردع هذا الجاهل ومن يقول بقوله أم لا؟ وما الحكم فى ذلك أفتونا مأجورين وابسطوا الجواب أيدكم الله.
فبرز أمر السلطان المرحوم قانصوه الغورى من بيوردى بكتابة مرسوم وتجهيزه إلى مكة المعظمة، فجهز ونص المقصود منه: وأما القهوة فقد بلغنا أن أناسا يشربونها على هيئة شرب الخمر، ويخلطون فيها المسكر ويغنون عليها بآلة ويرقصون ويسكرون، ومعلوم أن ماء زمزم إذا شرب على هذه الهيئة كان حراما، فليمنع شرّابها من التظاهر بشربها والدوران بها فى الأسواق انتهى.
وهذه عبارة صريحة فى النهى لكن إنما هو على حسب الإنهاء، ومع ذلك فليس فيها ما يدل على المنع من شربها بوجه بل من التظاهر بها، ومن فعله على الهيئة المخصوصة التى بلغتهم فقط، وذلك لا يدل على حرمة ذاتها بل تشبيهها بماء زمزم نصّ أو كالنصّ فى حلّها على غير تلك الهيئة، ولذا لم يمنعها السلطان من مصر التى هى محل الكرسى والولاية، ولعله إنما منع من التظاهر بها سدا للذريعة، مخافة أن تشرب على تلك الهيئة الممنوعة.