فمن كل ذلك ومن عدم وجود دليل تاريخى يثبت ذهابه إلى هذه المدينة أو قياس محيط الدائرة الأرضية مع شهرة هذه البئر بين الأقدمين، يعلم أن البئر المذكورة من صناعة المصريين عملت فى وقت كان فيه المنقلب الصيفى يمرّ بهذه المدينة الواقعة فى حدود وادى النيل من الجهة القبلية، وأراتستين هذا ولد قبل المسيح بمائتين وخمس وسبعين سنة، وكان رئيس كتبخانة الإسكندرية فى زمن بطليموس أو يرجيت (١) أه.
وذكر استرابون وغيره أن هذه البئر جعلت للدلالة على يوم المنقلب الصيفى، والجبل المشتمل على معدن الزمرّد فى جنوب هذه المدينة فى صحار خالية من الناس تعرف بصحارى عيذاب.
وأما معدن الذهب فعلى بعد خمسة عشر يوما من المدينة، وبين عيذاب وأسوان طريق إلى الحجاز واليمن والسند.
وفى تقويم البلدان نقلا عن كتاب ابن سعيد قال: وفى سمت أسوان من جهة الشرق طريق الحجاج إلى عيذاب وغيرها/من المينا التى يركبون منها إلى مكة، فمن أخذ من أسوان مشرقا فعلى الوضح، ثم تلتقى هذه الطرق مع طريق قوص، وسميت هذه الطريق بالوضح لخلوها عن الجبال المشتبكة التى فى طريق قوص انتهى.
وذكر المسعودى: أن سكان هذه المدينة من عرب قحطان ونزار وربيعة ومضر وقريش وأغلبهم أتى إليها من الحجاز وأرضها خصبة، وإذا غرست فيها النواة صارت نخلة وأثمرت فى زمن قريب، بخلاف البصرة والكوفة فلا يثمر فيهما النخل إذا غرس من النّوى.
وكان محل أسوان القديمة فى الجنوب الغربى من محلها الآن، وقد انحطت عن درجتها فى زمن دخول العرب أرض مصر واعترى الخراب أكثر مبانيها.
(١) هو بطلميوس يورجتيس) Euergetes الخير)، وهو بطلميوس الثالث. انظر: إبراهيم نصحى: تاريخ مصر فى عصر البطالمة، ج ١، ص ١٢١.