ولما بنى سورها تأخر عن حدود المدينة القديمة بقدر ثلاثمائة متر فجعل فى حدود الصخر تابعا لسير الجبل، وأحد أضلاعه على شاطئ البحر. وبنى من قطع صوّان أخذت من المحاجر ومن المبانى القديمة، وكان عبارة عن أبراج وبستيونات فى نقط منه مفصولة بجدران عالية، والآثار القديمة متفرقة فى أماكن كثيرة، تعلم من الكتابة والنقوش التى على الحجارة الملقاة، ثم إن طول المدينة تقريبا ما بين سبعمائة متر إلى ثمانمائة والطريق الموصل إلى جزيرة فيلة- (ييلاق) -.
فى الجهة القبلية من هذه المدينة والتل الذى فى جهتها القبلية بنى عليه الفرنساوية قلعة مدة دخولهم مصر وتحته معبد مصرى قديم قد علاه التراب، وحول التل أعمدة وقطع حجارة عتيقة، وفى جهة الشمال عمارة من مبانى الرومانيين متجهة نحو شاطئ النيل فى آخرها عمارة مربعة تشبه السبع السواقى التى فى آخر العيون بمصر العتيقة، وكانت المدينة محدودة من الجهة البحرية بالنيل، ومبنية فى أرض ذات ميل خفيف كانت مزروعة بالنخيل، وأرض الساحل رمل وطين من طمى النيل وفيه أنواع من الأشجار والنبات من ضمنها شجرة غريبة ارتفاعها نحو خمسة أقدام من الأرض، أزهارها بنفسجية اللّون وثمرتها صفراء، وبلغت فى خاصية الإحساس إلى أنها إذا مسّ أحد أحد غصونها انضمت أوراقها وهبطت وتبعها الغصن كله ولا ترجع لأصلها إلا بعد زمن، ويسميها الأهالى عرقة القرون ويعرفون هذه الخاصية فيها وينسبونها إلى السحر ويسميها بعض الناس شجرة الحسن، وذكر بعض السياحين أنه يوجد مثلها فى بلاد الحبشة.
ثم إن توالى حوادث الأيام خربت المدينة الإسلامية كما خربت قبلها مدينة الرومانيين التى حدثت بعد المدينة المصرية القديمة، ويقال: إن المدينة الموجودة الآن حدثت من زمن