للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السلطان سليم فى الجهة الشرقية من النيل فى أرض منخفضة محوطة من جهتها البحرية الشرقية بنخل وبساتين ممتدة إلى بعد عظيم، وفى جهة الجنوب منها جبل مرتفع فيه محاجر ومغارات كثيرة، وفى جهتها الشرقية فضاء متسع كان به منازل تهدمت وأخذت أنقاضها، وكانت مبنية من الطوب وأغلبها معقود، ولها مينا متسعة ومحوطة من إحدى جهاتها بالصخور وكانت تجارتها التمر والسنامكى المجلوب من الجهات القبلية فى السفن إلى الشلالات، ثم ينقل منها إلى المدينة على الحيوانات وتسير إلى الجهات البحرية فى السفن.

ولما كانت تجارة التمر أعظم تجارتها كان أكثر أهلها فقراء، وقد بقى من المبانى القديمة فى موضع البلد القديم معبد مبنى من الصخر، وبه جملة أعمدة، وفى زمن الفرنساوية كان لا يمكن دخوله إلا من سطحه لتراكم الأتربة عليه، والآن خلا منها وتبين أنه من زمن البطالسة.

وفى سنة ألف وثمانمائة وأربع وأربعين ميلادية، وجد بعض السياحين مسلة فى أحد المحاجر التى بالجبل منفصلة عن الجبل من ثلاثة أوجه والوجه الرابع متصل بالجبل، وطول المسلة ثلاثون مترا وعرض قاعدتها اثنتا عشرة قدما، ومن شهرة المدينة وعتاقتها يستفاد أنه كان بها مبان كثيرة ومعابد أخرى، وشهرة بئرها تفيد أنه كان بها رصد-أى معبد-لأن الرصد كان من خصائص القسيسين الذين كانوا يسكنون المعابد ولكن ذهب جميع ذلك بتقلب الحوادث والدول.

وفى كتاب لطرون أنه وجد فى هذه المدينة قطعة صوّان عليها كتابة لاتينية تفيد أن مقدس هذه المدينة هو هومون ومعه كنوبيس وجينون، وأن هذه المدينة وضعت فى زمن القيصر غيطا (١) وعامله أكيلا، وذلك فيما بين سنة ٢٠٤ وسنة ٢٠٩ ميلادية وذلك يفيد أن عبادة المصريين كانت لم تتغير إلى ذلك الوقت انتهى.


(١) يقصد: جيتا (أنطونينوس بن سبتميوس سيفيروس) [٢٠٩ - ٢١٧ م]. انظر: جيبون: اضمحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها، ج ١٨٤،١/ ١٨١.