ومن آثار هذه المدينة أيضا مقياس كان فيها للنيل ذكره هيرودوط نقلا عن ميدازى الذى ساح أرض مصر ورأى البئر المعدة لقياس النيل، وكان قبل مقياس مدينة منف مبنيا من حجر معقود عليه خطوط متباعدة بقدر ذراع يصل إليها الماء من مجرى تحت الأرض، واطلع أيضا على المزاول المعدة لبيان الأوقات، وكان شاخصها من غير ظل فى يوم المنقلب الصيفى، وكان هذا المقياس موجودا فى القرن الرابع من الهجرة.
وذكر المقريزى أن عمرو بن العاص هو الذى بناه والأصح أنه رممه فقط، وكان للرومانيين عسكر للمحافظة فى هذه المدينة وفى/جزيرة بيلاق وجزيرة أسوان، وفى طريق جزيرة بيلاق التى فى وسط الصخور يرى بقرب المدينة كثير من القبور غير ما هو منها فى الجنوب الشرقى للمدينة، ويعلم من الكتابة الكوفية التى على الشواهد أنها قبور من مات من المسلمين فى وقت الفتح الإسلامى.
ويرى جملة من الجوامع مرقوما على باب أحدها اسم سليم، يقال إنه هو الذى حارب الجلابة فى مبدأ الهجرة وطردهم من البلد القديمة مرتين، ثم إن العرب تغلبوا عليها وسكنوها إلى زمن صلاح الدين فطردهم منها.
وفى القرن السادس عشر من الميلاد دخلت كبقية البلاد المصرية فى يد الدولة العثمانية مع جهتى بربى وأبريم، وفى الجبل الذى عند هذه الجهة كثير من المحاجر والمغارات التى أخذ منها المصريون فى الأزمان السابقة المسلاّت والأعمدة والأحجار الهائلة المستعملة فى مبانيهم، وتبعهم البطالسة والرومانيون فى ذلك.