للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فمن ذلك ما نقله عن عبد الله بن أحمد بن سلايم بن سلامة من علماء هذه المدينة فى تاريخ النوبة والمقرة والبجاة والنيل، أن بلاد النوبة تبتدئ من القرية المعروفة بالقصر الذى هو على خمسة أميال من مدينة أسوان، وأن آخر بلاد المسلمين فى وقته كان جزيرة بيلات التى هى على بعد ميل واحد من قرية أقصر، ومن هذه القرية إلى مدينة أسوان يكون مجرى النيل مشحونا بالشلالات ولا تمر فيه السفن إلا مع العسر.

وذكر المسعودى أن أهالى أسوان كان لهم أراض فى بلاد النوبة اشتروها من النوبيين فى بدء الإسلام زمن الأمويين والعباسيين، وكانوا يدفعون خراجها إلى ملك النوبة، إلا أنه كان يحصل منهم فى بعض الأحيان توقف وتعدّ؛ فلما جاء الخليفة المأمون بلاد مصر شكا له ملك النوبة من أهل أسوان، وأرسل إليهم رسلا تمنعهم عن شراء الأراضى من النوبيين مدعيا أنها ملكه وأن النوبيين عبيده فلا يملكون فيها شيئا، فعين الخليفة قاضى مدينة أسوان للنظر فى ذلك بحضور نائب الملك فى مجلس من أمرائها، فأقيمت الدعوى وثبتت صحة البيع بحيلة على البائعين حتى حملوهم على إنكار الرق، فحقد عليهم ملك النوبة من ذلك الوقت ونوى الغدر بهم، وفى سنة ٣٤٤ هلالية هجم على أرضهم بعسكر جرار ونهب أموالهم وأسر نساءهم وأطفالهم.

وكان ذلك فى زمن ابن الإخشيد، فأرسل إليه عسكر تحت إمرة محمد بن عبد الله عامل الخراج فطردهم وأسر منهم خلقا كثيرين ورجع إلى مصر مؤيدا منصورا، ثم إن نائب الملك هجم ثانيا على أرض أسوان فى سنة ٣٥١ هـ فخربها وسبى أهلها ودخل/وادى النيل حتى وصل إلى مدينة إخميم وكان لا يبقى ولا يذر فى طريقه، فحصل للناس ما لا مزيد عليه من الضّنك والشدة وخرّب أغلب البلاد التى مر عليها بعسكره واسترق أغلب أهلها، وكانت