الملك إلى السلطان قلاوون فى إيصاله الحقوق التى حرمه منها عمه، فأرسل معه عساكر إلى بلاد النوبة وتم الأمر بعد محاربات على جلوس ابن أخى الملك على التخت بعد موت عمه كما مر، ومع كثرة القتلى والأسرى من أهالى النوبة فى كل وقعة كانوا لا يرتدعون بل تحصل منهم الإغارة على الجهات المجاورة لهم من جهات مصر ويقطعون سبل التجارة وينهبون البضاعة كما حصل ذلك فى سنة ٧٦٧ هـ كما هو مسطور فى كتاب السلوك للمقريزى.
وهو أنه فى تلك السنة قام أولاد الكنوز وعرب بنى جعد وأغاروا على أسوان وأرضها وكذا على سواكن ونواحيها وعيذاب والواحات، واستولوا على أكثر هذه البلاد ونهبوها وسبوا أهلها، واتفق أن ابن أخى الملك فى هذا الأوان رفع لواء العصيان واتحد معهم وقام على عمه وقتله واستولى على تخته، ثم أخذ فى عمل الحيل على التخلص من شر العرب فدعاهم إلى وليمة أعدها لهم بعد نصرته، وجعل حولها الوقود وأكمن لهم عساكر، فحرق أمراءهم ومن سلم من الحرق قتله العسكر الكامنون، وهجم فى ليلتها على باقى العرب فى حين غفله، فقتل منهم خلقا كثيرين وشتت فى الجبال من سلم من القتل، ونهب أموالهم ومواشيهم وسبى أولادهم ونساءهم، ولكن خاف منهم فاجتمع بملك داو وتعاهد معه وأرسل إلى السلطان يطلب منه النجدة على العرب، فأرسل إليه الجيوش المصرية تحت إمرة الأمير اكتومر (١) عبد الغنى وجملة من الأمراء فوصلوا إلى مدينة داو بعد نصرات عديدة وغنائم كثيرة وخلصوها من العرب، وكان أهل دنقلة بداخلها عندما بلغهم قدوم العساكر المصرية، فحصل الاتفاق على إقامة الملك فى قلعة داو وتركه الإقامة بدنقلة، وبعد أن مهدوا له الأمور رجعوا إلى الديار المصرية ومعهم أكثر أمراء العرب، وعدد كثير من الأسرى فى القيود، ولما وصلوا إلى مدينة أسوان شكا أهلها إليهم ما حصل لهم من العرب وعبيدهم فأمسك منهم عددا وافرا ووسطهم.