للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم بعد أيام قلائل دخل مصر فأنعم عليه السلطان وأمر بسجن أمراء العرب، إلى أن تعين الأمير حسام الدين الملقب بالدم الأسود حاكما على مدينة أسوان فذهب إليها وأخذ معه المحبوسين، ولما وصل بهم إلى مدينة قوص أمر بتسميرهم فى ألواح من خشب، وسار بهم وهم على هذه الحالة إلى أن وصل إلى أسوان، فقتلهم أشنع قتلة، فتحزب العرب والعبيد واجتمع منهم جملة وافرة وهجموا على أسوان فلم يقدر حسام الدين على مقاومتهم، ففر منهم بعد أن قتل أغلب المماليك والعسكر فنهبوا المدينة وخربوا بيوتها وسبوا أهلها، فكانت زيادة القسوة من هذا الحاكم الغشوم فى هذه الواقعة سببا فى خراب المدينة وقتل أهلها، ونهب هذه الجهة وما يليها وخروجها من يد الحكومة المصرية، لأن عداوة العرب بلغت منتهاها، فإنهم اجتمعوا وجعلوا يخربون فى البلاد المصرية، ويقطعون طرق التجارة ولا يوقرون كبيرا ولا يرحمون صغيرا، وحصل لهذه الجهات فى تلك المدة ما لا مزيد عليه من المضرات ووقعت فى أيديهم أسوان وغيرها من البلاد.

وفى سنة ٧٩٨ هـ اتحد العرب الأحمدية الذين كانوا يسكنون جهات الصعيد مع أولاد الكنوز والهوارة، وقاموا على حاكم مدينة أسوان المسمى بابن غريب ونهبوا منه المدينة وسبوا أهلها، ولم يقدر عمر بن إلياس حاكم المديريات القبلية على طردهم منها، ورجع بجيشه بعد أن أتلف كثيرا من العساكر، وصارت الفتن من ذلك العهد كل يوم فى الزيادة إلى سنة ٨٠٦ هـ فكانت مدينة أسوان إذ ذاك من غير حاكم ولا محافظين، فكانت عرضة لإغارات العرب عليها.

وفى سنة ٨١٥ هـ أغار عليها هوارة الصعيد وحصلت النصرة للهوارة بعد مقتلة عظيمة بينهم وبين أولاد الكنوز فنهبوها وخربوها وأسروا أغلب أهلها وتركوها خرابا بلقعا إلى أن استولى السلطان سليم على الديار المصرية فكثرت فيها الفتن كما كانت أولا؛ بسبب أن هذه