للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الجهات كانت ميدانا لفتن الأحزاب، فإنه كان كل من عصى من البيكوات والأمراء يفر إلى الجهات القبلية ويضم إليه مماليكه ورجاله وكثيرا من الأهالى ويحارب بهم عساكر الحكومة، فكانت الأقاليم/القبلية وبلاد النوبة ميدان الفتن فى جميع هذه المدة المديدة التى أولها دخول السلطان سليم إلى زمن استيلاء العزيز محمد علىّ على الديار المصرية، ولحق فيها الأهالى من المصائب الناشئة عن هذه الحوادث ما قهقر حالهم وخرب ديارهم.

ومن ابتداء استيلاء العائلة المحمدية انقطع عرق هذه الحوادث وسكنت الفتن ودخلت بلاد النوبة وجميع البلاد السودانية تحت حكم الديار المصرية، ووصلت حمايات تلك العائلة إلى جميع سكان هذه الأرض فى الطول والعرض ﴿فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ (١).

وبما وصل كل ناحية من العناية الخديوية أخذت فى أسباب الثروة والنمو، وصارت هذه المدينة التى فى آخر القطر المصرى مركزا لجميع تجارات الصحراء وبلاد النوبة والأقطار السودانية، وصارت عامرة آهلة ذات حرف وصنائع كثيرة، ويتردد إليها أهل السودان وعرب الجبال، فيكتسب أهلها من طباعهم وعوائدهم خصوصا العوام والأوباش.

فمن عوائد عوامها فى الأفراح أنه بعد عقد النكاح يذهب الزوج إلى بيت الزوجة بالجهاز المشروط لها ومعه جماعة من أحبته وأخصائه، وبعد جلوسهم يؤتى لهم بقفف من الخوص مملوءة بالحمص المقل والتمر والقرطم المقلى والجرمة، فيفرق على الحاضرين فيأكلون وينصرفون، ثم بعد مدة يعمل الفرح كالمعتاد.


(١) سورة الانعام:٤٥.