وفى المقريزى أن الإفرنج نزلت قريبا من دمياط فى سنة ست عشرة وستمائة، وملكوا البر الغربى، ومن ذلك الوقت شاع موت الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن نجم (١) أيوب بن شادى بن مروان الكردى الأيوبى، وكان ابنه الملك الكامل نائبا عنه فى ديار مصر، وأقطعه الشرقية وجعله ولى عهده وحلف الأمراء على ذلك، فلما مات العادل ببلاد الشام استقل الملك الكامل بمملكة مصر فى جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وستمائة وثبت لقتال الإفرنج، وكانت العرب ثائرة بنواحى أرض مصر وكثر خلافهم واشتد ضررهم، وكان الأمير عماد الدين المعروف بابن المشطوب أجل الأمراء بمصر، وله لفيف من الأتراك الهكارية يريد خلع الملك الكامل وتمليك أخيه الملك الفائز ووافقه الكثير من الأمراء على ذلك، فلم يجد الملك الكامل بدا من الرحيل فى الليل وسار من العادلية إلى أشمون طناح/ونزل بها وأصبح العسكر بغير سلطان، فركب كل واحد هواه ولم يعرج واحد منهم على آخر، وتركوا أثقالهم فاغتنمها الفرنج وهمّ الكامل بمفارقة أرض مصر، ثم إن الله تعالى ثبته وتلاحقت به العسكر، وبعد يومين قدم عليه أخوه الملك المعظم عيسى بأشمون فاشتد عضده بأخيه، وأخرج ابن المشطوب من العسكر إلى الشام ثم أخرج الفائز إبراهيم إلى الملوك الأيوبية بالشام والشرق يستنفرهم لجهاد الفرنج، وجد الكامل فى قتال الفرنج وأتته الملوك من الأطراف، فقدر الله أخذ الإفرنج دمياط بعد ما حاصروها ستة عشر شهرا واثنين وعشرين يوما ووضعوا السيف فى أهلها، فرحل الكامل من أشمون ونزل المنصورة، وبعد خطوب وقعت بين الفريقين تم الأمر على الصلح وتسلم المسلمون مدينة دمياط فى التاسع والعشرين من رجب سنة ثمان عشرة وستمائة، بعد أن أقامت بيد الإفرنج سنة وأحد عشر شهرا تنقص ستة أيام، وسار الإفرنج إلى بلادهم وعاد السلطان إلى قلعة الجبل.
(١) الصحيح: الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن نجم الدين أيوب بن شاذى بن مروان الكردى الأيوبى.